الخميس، 2 يوليو 2015

Paltalk Mobile App Download

Paltalk Mobile App Download

Paltalk Mobile App Download

   Paltalk, Mobile, App, Download, iphone, ipad , android, apple, store, market, google play, apps, mobi,, البالتوك, موبايل, Paltalk Mobile App Download

Paltalk Mobile Messenger Download البالتوك العربي

نخبة البالتوك هو اكبر تجمع عربي لمستخدمي برنامج بالتوك للمحادثة الصوتية و المرئية العالمي الشهير

تحميل البالتوك تنصيبه و تسجيل اسم مستخدم جديد و شرح كامل لدخول غرف البالتوك العربية
أضافة الى صبغ الاسماء و الغرف بأسعار بطاقة البديل المخفضة لتلوين نكات البالتوك الانجليزية و العربية
آخر اخبار دولة الخلافة الدولة الاسلامية داعش

اخبار البالتوك
?Google+?‏
Paltalk Mobile by PaltalkMobile

نظرة تاريخية على نظام الخلافة في الاسلام

نظرة تاريخية على نظام الحكم في الخلافة الاسلامية و نشأت الحكومات العربية الدكتاتورية والانظمة الملكية الوراثية تحت وصاية هيئة الامم المتحدة اولا .. من هم داعش دولة الخلافة الاسلامية في العراق و الشام نظرة تاريخية للخلافة الاسلامية و نشأت الدولة السعودية

الخلافة والحجاز و ظهورالدولة السعودية الجبرية

المقدمة الفصل الأول الدبلوماسية البريطانية والهجمة على الخلافة الفصل الثاني انهيار الخلافة العثمانية وقيام الدولة الملكية السعودية الحرب العالمية الأولى و تدمير نظام الخلافة الاسلامية لأتراك والخلافة الاسلامية جواب جامعة الأزهر على القضاء على الخلافة الفصل الثالث مؤتمر الخلافة في القاهرة الذي أقيم في آيار عام 1916 الفصل الرابع البديل السعودي الديني للخلافة المؤتمر العام للعالم الإسلامي في مكة الذي أقيم في حزيران تموز من عام 1916 الفصل الخامس العالم الإسلامي القديم يحاول أن ينهض من جديد المؤتمر الإسلامي العام الذي أقيم في كانون الأول عام 1919

تصدير هذا هو الإصدار الثالث ضمن سلسلة الأنصاري التذكارية التي تنشر تكريماً لمعلمي وشيخي صاحب الذكرى المباركة الملا محمد فضل الرحمن الأنصاري 1961 1971 . وكان الإصداران السابقان تحت عنوان دين إبراهيم ودولة إسرائيل نظرة قرآنية و أهمية تحريم الربا في الإسلام. لقد أنجزت الكثير من العمل البحثي لهذا الكتاب خلال السنوات من 1971 إلى سنة 1979 في مكتبة الأمم المتحدة في قصر الأمم في جنيف، حينما كنت طالباً للدكتوراه في العلاقات الدولية في المعهد العالي للدراسات الدولية في جنيف. إننا اليوم ،وفي الوقت الذي أكتب فيه هذا الكتاب، نمر بوضع سريع التدهور في العالم الإسلامي حيث الصراعات الدموية التي تؤدي إلى معاناة تفوق التصور للمسلمين الأبرياء في البوسنة وكشمير والجزائر وفلسطين والشيشان...الخ. ففي الأمس اغتصُبت خمسون ألف امرأة في البوسنة، واليوم القصص المرعبة تحكي أن صبياً أجُبر على قضم خصيتي أبيه المسلم في البوسنة، وتحكي أن ذلك المسلم الأعمى البريء الشيخ عمر عبد الرحمن قد أدُين بالسجن المؤبد في الولايات المتحدة لأنه يشكل تهديداً كبيراً للنظام العلماني المؤيد للغرب الذي يحكم مصر وهو يتعرض للامتهان الجنسي من الحراس كلما جاءه زائر إلى السجن. إنني الآن مقتنع أن الأوان قد حان أخيراً كي يصل هذا العمل إلى عموم المسلمين الذين قد يعتريهم القلق الآن إلى حد يجعلهم يبحثون بصورة جدية عن سبب الوهن الذي أصابنا. وكنتيجة لذلك فهم قد يستقبلون هذا الكتاب بصورة جدية ويرفضون الاحتجاجات المتوقعة من علماء السلاطين ومن الحكومات التي يدعمونها في كل أنحاء العالم الإسلامي ! وأنا أدعو الله أن يتقبل ويبارك بهذا العمل المتواضع في طريق الحق. وأدعو أن يقع من المسلمين موقعاً يفتح به أعينهم على حقيقة أن النظام السعودي الديني الذي يسيطر الآن على الحرمين وعلى الحجاز كان له دور فعال في تدمير الخلافة الإسلامية وأضحى منذ ذلك الحين حائلاً أمام استعادة قوة الأمة. آمين

المقدمة إن إحدى المميزات الجوهرية لدين الإسلام التزامه بالمضمون الذي يقول انه حينما يقر شعب معين بأن الله عزوجل هو الملك فينبغي عليهم حينئذ أن يضمنوا خضوع الدولة وكل مؤسساتها لسلطة الله وقانونه المطلق. أما إذا أقروا أن الدولة هي ذات السيادة المطلقة وليس الله عزوجل وهذا هو في الحقيقة جوهر العلمانية فان الإسلام يعد ذلك شركاً، وهذا هو أكبر الكبائر. فالدولة العلمانية الحديثة هي اليوم صاحبة السيادة المطلقة في كل العالم. وسلطانها هو السلطان الأعلى ،والأمر ذاته ينطبق على قانونها. لذا، فان البشرية برمتها اليوم، وفي كل بقاع الأرض، تعتنق شركاً سياسياً عالمي اً. وهذا في الواقع هو أحد العلامات التي تبين أننا نعيش عصر الدجال المسيح الدجال الذي فتن البشرية بعبادة غير الله عزوجل. إن الدجال هو العقل المدبر للنظام العالمي اليوم، هذا النظام الذي يشير إليه الحديث النبوي من أن تسعمائة وتسعة وتسعون من كل ألف سيدخلون النار. ولكن يبدو أن المسلمين أنفسهم غير آبهين بذلك. وطالما أقر المسلمون بسيادة الله عزوجل، فإنهم لا يخضعون مطلقاً لسيادة الدستور ولا البرلمان ولا المحكمة العليا ولا الحكومة...الخ. إن سيادة الله عزوجل تقتضي سيادة الدين الإسلامي وعلى الخصوص سيادة قانون الشريعة المقدس. وقد جسدت مؤسسة الخلافة سيادة الدين الإسلامي على الدولة وعلى الحياة العامة. حيث كان الخليفة، والذي كان يعرف أيضاً بالأمير أو الإمام، قائداً للجماعة أو المجتمع المسلم. وكانت جماعة المسلمين تعطيه الولاء عبر مراسيم البيعة. وكانت الأرض التي تعيش عليها تلك الجماعة تدعى دار الإسلام. وقد أخذت الأرض هذا الاسم لأن الأمير لديه الحرية والصلاحية لتطبيق قانون الله المقدس فيها. لقد قامت الحضارة الأوربية المسيحية كذلك على أساس التسليم للسلطة الإلهية. إلا أن الكنيسة في تلك الحضارة كانت تعتبر ممثلة للإله على الأرض، وبالتالي فان الدولة كانت تابعة للكنيسة. ولكن أوربا شهدت صراعاً بين الدين والدولة نتج عنه هزيمة الكنيسة. وكنتيجة لذلك شهدت أوربا تحولاً ثورياً لأسس الحضارة، إذ تم علمنة الدولة وسياساتها. وتمثل الفصل الأخير من هذا الصراع بالثورات الأمريكية والفرنسية والبلشفية، التي جاءت بحضارة إلحادية في جوهرها إلى الوجود. فقد تقلص نشاط الدين ليكون مقتصراً على طقوس العبادة الفردية والجماعية، وتم منع البابا والسلطة المسيحية في أوربا من التدخل في أعمال الدولة. ولم يعد الإله هو صاحب السيادة الأكبر . بل أضحى الشعب هو صاحب السيادة بدلاً عن الإله. ومن ثم ألبسوا ثوب السيادة ذاك لنموذج الدولة العلماني الجديد. فأصبحت الدولة الآن هي الأكبر . تلك كانت العلمانية بالنسبة لأوربا. أما بالنسبة للدين الإسلامي، فذلك كان الشرك بعينه، أكبر الكبائر. ومن الغرابة بمكان أن المسيحية غير الأوربية لم تقم بأي صراع مضاد لذلك الدمار الذي أصاب نموذج الدولة المقدس الذي أسس بنيانه النبيان داود وسليمان عليهما السلام. لقد شرعت الحضارة الأوربية الإلحادية في حملة عنيفة من أجل تغيير العالم بأكمله وإعادة تشكيله وفق النموذج الأوربي الجديد للدولة العلمانية والمجتمع العلماني. أما بقية العالم، فقد استعُمر أو سلبت حريته الأساسية. و كان هذا حال العالم غير الأوربي أيضاً. إذ تمت علمنته هو الآخر في نهاية المطاف، وسرعان ما تحول إلى مجتمع ملحد. وهذا بطبيعة الحال يتضمن العالم الإسلامي، بل كان العالم الإسلامي في الحقيقة هو الهدف الخاص للحضارة الأوربية الإلحادية. لقد اس تهُلت عملية تحويل العالم الإسلامي إلى مجتمع ملحد بعلمنة الحياة العامة. واس تهُدفت الإمبراطورية العثمانية، إذ أن تدميرها كان لزاماً. ولكنه لم يكن متاحاً مادامت الخلافة باقية كمؤسسة جبارة لتوحيد المسلمين. لذا كان لا بد من تدمير الخلافة . إن الدمار الذي أصاب الإمبراطورية العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى نتج عنه ولادة الدولة العلمانية في تركيا. وكانت الحكومة مؤلفة من حفنة من الأتراك القوميين العلمانيين الذين تأثروا بالغرب، والذين عملوا جنباً إلى جنب مع حركة يهودية سرية. وقد قام هؤلاء القوميون أولاً بتقليص الخلافة إلى حد جعلها منصباً مشابهاً لمنصب البابا، ومن ثم قاموا بإلغائها .إلا أن عملية العلمنة في العالم الإسلامي قد اكتملت حينما انضم الحجاز بقيادة عبد العزيز بن سعود إلى مصطفى كمال أتاتورك في رفض هيمنة الإسلام على الدولة .وهكذا اعتنقت الجزيرة العربية قلب الإسلام نموذجاً علمانياً للدولة. وقد تزامنت ولادة دولة العربية السعودية مع تدمير دار الإسلام التي أسس بنيانها النبي محمد صلى الله عليه وسلم . حينما كان الحجاز يمثل دار الإسلام كان لكل مسلم الحق في دخول أراضيه ولم يكن بحاجة إلى تأشيرة للدخول، ولم يكن هناك شيء اسمه السيادة السعودية. ولم يكن هناك شيء اسمه حق المواطنة السعودية. فقد كان حق دخول أي جزء من دار الإسلام أحد الحقوق العديدة التي كان المسلم يتمتع بها ،كحق الإقامة فيها، إذ لم يكن المسلمون بحاجة إلى تأشيرة الإقامة، وحق العمل في أي جزء فيها، إذ لم يكن بحاجة إلى تصريح بالعمل...الخ. لقد أدت ولادة دولة العربية السعودية إلى إنكار جميع هذا الحقوق للمسلمين، وبالتالي آل الأمر إلى إلغائها. إن سقوط الخلافة وظهور دولة العربية السعودية كانت أحداثاً غيرت وجه العالم الإسلامي بطريقة أدت إلى رجوعه إلى مرحلة ما قبل الهجرة. فما من مكان في العالم اليوم توجد فيه دار الإسلام. ونحن نعتقد أن من الصواب التأكيد على أن الفارق الوحيد مابين إسلام ما قبل الهجرة وما بعد الهجرة هو تأسيس النبي صلى الله عليه وسلم لدار الإسلام أي النظام الإسلامي العام في المدينة. فالعالم الإسلامي، شأنه شأن بقية العالم غير الأوربي، قد اندرج اليوم ضمن نظام علماني ومادي لمنظمة سياسية تحاكي الدولة القومية العلمانية الحديثة. وكنتيجة لذلك فقد اختفت دار الإسلام من الوجود اليوم ،وهي لا توجد حتى في مكة أو المدينة. لذا فان لنا مسوغاً في استنتاج أن العالم الإسلامي بوجوده العام كأمة قد عاد إلى مرحلة ما قبل الهجرة . ويبدو أن الحضارة الإسلامية في مسيرتها التاريخية الآن قد دخلت مرحلة ما بعد الخلافة .وأصبح المجتمع المسلم اليوم في شتى أنحاء العالم خاضعاً لجاهلية شاملة تهيمن على العالم، تماماً كما كان وضعه في مكة قبل 1111 سنة. وهذه الجاهلية تتمثل بالطبع في الحضارة الغربية العلمانية والمادية الحديثة، التي ظهرت على أنقاض المسيحية. وقد يشير الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا العصر بقوله من مات وليس في عنقه أي في أيام حياته بيعة أي عهد الولاء الذي يقدمه الناس لإعطاء الشرعية لتنصيب قائد على الأمة مات ميتة جاهلية أي ميتة في عصر شهد رجوع جاهلية ما قبل الهجرة. هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه برقم 1296 ..المترجم. إن هذا الحديث النبوي لا غبار على صحة سنده للنبي صلى الله عليه وسلم وهو ذو أهمية قصوى إلى درجة أن جامعة الأزهر قد استخدمته لتبرير دعوتها لعقد مؤتمر عالمي للخلافة الإسلامية في القاهرة ليكون بمثابة الرد بطريقة لائقة على قرار الجمعية العمومية الوطنية التركية القاضي بإلغاء الخلافة في شهر آذار عام 1916م . إن المؤتمر نفسه الذي عقد في عام 1916م قد تبنى قرارات جسدت قول النبي صلى الله عليه وسلم السابق، وأكدت على أهمية مؤسسة الخلافة، التي هي بمثابة النظام الإسلامي العام للعالم الإسلامي. فالتحدي الذي أمام الأمة اليوم هو تحد صريح وواضح. إنه يتمثل بمحاولة إعادة تحريك الأمة من مكة إلى المدينة مرة أخرى. وإذا ما قامت الأمة بذلك فستتمكن من إعادة تأسيس دار الإسلام أي النظام الإسلامي العام . وإذا ما نجحت هذه الأمة في استعادة هيمنة الإسلام على الدولة في العالم الإسلامي فسيكون لزاماً على المسلمين أن يطلعوا على تاريخ سقوط الخلافة وتاريخ ظهور بديلها في قلب الإسلام على يد الدولة القومية السعودية الدينية. إن هذه الدراسة لها أهمية إستراتيجية لأن العدو الذي دمر الخلافة هو الآن يتربص بشعيرة الحج .فقد استمرت شعيرة الحج بلا انقطاع منذ أن أسسها النبي إبراهيم عليه السلام قبل آلاف السنين، واستمر الحج حتى حينما اعتنقت الجزيرة العربية عبادة الأوثان .وإن أحد أهم الأهداف طويلة الأجل لأعداء الإسلام اليوم يتمثل في إلغاء هذا الشعيرة. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ل ي حُ ج ن البيت ول يعُ ت م ر ن بعد خروج يأجوج ومأجوج ، وقال عبد الرحمن عن شعبة لا تقوم الساعة حتى لا يحُجن البيت رواه البخاري برقم 6161. إن دراستنا لهذا الموضوع قد قادتنا إلى استنتاج أن هدف أعداء الإسلام في إيقاف شعيرة الحج بات قاب قوسين أو أدنى. وكل ما يتطلبه الأمر لتحقيق هذا الهدف هو تدمير المسجد الأقصى. وبوسع دولة إسرائيل اليهودية فعل ذلك في أي وقت، فالمسألة مسألة اختيار التوقيت الأمثل. إن النظام السعودي الحالي كان ولا يزال يسُحب بخبث إلى وضع لا مفر منه مع الدولة اليهودية. إذ أن تدمير المسجد الأقصى سينتج عنه معارضة أكبر للنظام السعودي. ولن يكون بمقدور النظام السيطرة على مشاعر الغضب التي سيظهرها المسلمون في موسم الحج. لذا فإنهم حينما يظهرون بمظهر العاجز عن السيطرة على الحج، فان المعارضة الداخلية في العربية السعودية ستستخدم الحج بفعالية في سبيل زعزعة النظام .هذا هو السيناريو الذي سيقود السعوديين في الأغلب إلى إيقاف الحج من أجل الإبقاء على حكمهم. وإذا ما فقد العالم الإسلامي شعيرة الحج، بعد فقدانهم للخلافة، فان ذلك سيعد خطوة كبيرة أخرى نحو الجاهلية في مكة في عصر ما قبل الهجرة. إن المأزق الأمني الذي سنمر به سيكون مجرد أمر عارض كما كان في مكة في عهد ما قبل الهجرة .إن الإيمان الأقوى هو وحده الذي سيكون قادر اً على تجاوز ذلك الابتلاء العظيم، فما الذي بوسعنا أن نفعله؟. إن الخطوة الأولى التي يجب أن تتخذ في أي إستراتيجية مضادة ممكنة لابد أن تكون بدراسة وتقييم تاريخ تلك الحقبة الت الفصل الأول الدبلوماسية البريطانية والهجمة على الخلافة لقد أرسل الله القدير رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بدين الحق ليظهره على الدين كله. وهذا يستدعي الخضوع المسبق للأمة لهيمنة الإسلام على حياة المسلمين العامة والشخصية كلتيهما .لقد كانت دار الخلافة رمزاً أسمى لتمثيل هيمنة الإسلام على الحياة العامة. وبدون هذه الخلافة فان العالم الإسلامي لم يكن ليحظى بالقوة. ومع هذا فقد كان هنالك صلة دائمة بين الخلافة وبين السيطرة على الحرمين، أي الأراضي المقدسة في مكة والمدينة. فمن يستطيع أن ينجح في قطع تلك الصلة سيشل دار الخلافة، وبالتالي سيجعل العالم الإسلامي خائر القوى . وخلال 6111 سنة من تاريخ أمة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، لم يتقلد أي رجل منصب الخليفة بنجاح من خلال البيعة أو من خلال عهد الولاء من المسلمين ما لم يكن يتمتع بسيطرته الحقيقية أو قدرته على فرض هذه السيطرة على الحجاز بشكل عام وعلى الحرمين بشكل خاص. وظل منصب الخلافة والسيطرة على الحرمين مرتبطين بشكل دائم في وعي الأمة الديني السياسي. وقد كان لهذا الارتباط المتين قاعدة في الشريعة ،فالحج كان شعيرة ملزمة لعامة الأمة بالسوية فضلاً عن إنه يتضمن رحلة حقيقية إلى الحجاز. لذلك فليس من الممكن تنصيب شخص ليكون القائد العام للمسلمين وهو لا يتمتع بالسلطة أو الوسائل التي تتيح له ممارسة المسؤوليات الخاصة بتنظيم وإدارة شؤون الحج. وهذا بطبيعة الأمر يتضمن ضمان حرية وأمان الحجاج وبالتالي يتطلب السيطرة على الحجاز. ومن ثم كان الخلفاء يعتنون أشد العناية بديمومة سلطتهم وسيطرتهم على الحجاز، وظل الأمر كذلك حينما انتقل كرسي الخلافة من الحجاز إلى الكوفة في العراق ودمشق وبغداد والقاهرة وحتى اسطنبول. واستمر هذا الأمر بصورة أساسية بدون انقطاع إلى أن سقطت الإمبراطورية الإسلامية العثمانية في الحرب العالمية الأولى. إن أعداء الإسلام اليوم قد اعتنوا أشد العناية بدراسة وفهم الارتباط مابين الخلافة، التي هي قوة الإسلام بصفته قوة عالمية، ومابين السيطرة على الحرمين ومن ثم خططوا إستراتيجيتهم الوحشية لجعل الإسلام عاجزاً ولجعله ديناً محصوراً بالإيمان الشخصي الخاص لا سلطة له على الحياة العامة. وبتعبير آخر ،لقد خططوا إستراتيجيتهم لعلمنة الإسلام ولتحويل المسلمين إلى نمط الحياة الأوربي الإلحادي. وإذا ما قدر للحضارة الغربية إن تنجح في النهاية في هزيمة الإسلام والسيطرة عليه وفي دمج العالم الإسلامي برمته في نظام علماني عالمي جديد أسسه الغرب، فان الإستراتيجية تتطلب أن يكون الحجاز تابعاً للنفوذ الغربي من أجل إضعاف الخلافة وإزالتها في نهاية المطاف. ومادامت الخلافة صامدة، فإنها ستظل شوكة في عيون الغرب، الخلافة التي هي تجسيد لسلطة الإسلام على الحياة العامة والتي هي رمز جبار للحكومة الدينية المركزية التي مثلت النظام الإسلامي العام وكانت بحق نظام السلام الإسلامي، فضلاً عن كونها نقطة للتجمع يمكن من خلالها تعبئة العالم الإسلامي لتكوين قوة قتالية فعالة . لقد كان هنالك ارتباط وثيق بين القوة وبين الخلافة في الإسلام.! وإذ كان البريطانيون مدركون للأهمية القصوى للحج والحرمين من أجل إعطاء الشرعية للخلافة العثمانية فضلاً عن ديمومتها، فقد ركزوا جهودهم الدبلوماسية في الحرب العالمية الأولى على إخراج الحجاز من سيطرة الخليفة العثماني. وقد تم لهم هذا عندما نجحوا في إغراء الشريف حسين شريف مكة الذي عينه العثمانيون والذي هو الجد الأكبر للملك حسين ملك الأردن للخروج على الخليفة العثماني ولفرض سلطته الشخصية على الحجاز بإشراف وحماية التحالف البريطاني الصديق. وبحلول عام 6961 وفي خضم الحرب العالمية الأولى كان الخليفة العثماني قد فقد سيطرته على مكة وجدة، أي الحجاز الجنوبي. أما سيطرته على المدينة فقد دامت خلال الحرب حتى فقدها في نهاية عام 1919 حينما أغريت بعض القوات العثمانية في داخل المدينة المنورة للخروج على قائدهم البطل فخري باشا 6 . وبعد أن فقد الخليفة العثماني سيطرته على الحجاز أضحت الخلافة عاجزة جداً إلى حد أنها لم تلبث في اسطنبول سوى بضع سنوات حتى انهارت كلياً. وهذا كان بالفعل نجاحاً باهراً للدبلوماسية البريطانية. لقد أدى ضعف الخلافة إلى زعزعة البناء الكلي للإمبراطورية العثمانية الإسلامية. وانهارت في نهاية المطاف. وفي عام 1919 سيطرت القوات البريطانية بقيادة الجنرال الينبي على القدس. ومن الملفت للنظر أن الينبي حينما دخل المدينة المقدسة قال لقد انتهت الحروب الصليبية أخيراً الآن . وإذا كان هنالك أدنى شك حيال الخطر الداهم على الإسلام الذي تشكله الدبلوماسية البريطانية في شبه الجزيرة العربية لكانت مقولة الينبي هذه كفيلة بإزالتها تماماً. فما عناه الينبي هو أن الإسلام أصبح الآن نمراً بلا أسنان. وأن مصيره هو أن يبقى عاجزاً دائماً ومن ثم يكون غير قادر على الرد على خسارة القدس بنفس الطريقة التي رد بها صلاح الدين الأيوبي حينما سيطر الصليبيون على القدس. لقد قاتل العرب إلى جانب الينبي من أجل سلب القدس من حكم الخليفة العثماني. وكان هؤلاء العرب آنذاك بانتظار التقاتل على الجيفة التي خلفها الانتصار البريطاني على اسطنبول. وقد طمعوا بالحكم المحلي للحجاز، ولكن كان من الضروري الانتظار لرؤية ما إذا كان بوسع الخليفة العثماني استعادة القوة اللازمة لإعادة فرض سيطرته على الحجاز. ولكن حينما ألغيت الخلافة في 9 آذار عام 1916، أصبح من الجلي عدم وجود مثل هذا التهديد. وفي ذلك اليوم بالذات بدأ عملاء بريطانيا تكالبهم على الجيفة التي خلفتها خيانتهم للحكم الإسلامي العثماني. وفي 7 آذار من عام 1916 قام الشريف حسين بخطوة استباقية في المطالبة بالخلافة لنفسه. وكانت أكثر مزاياه أهمية أنه كان يتمتع واقعياً بالحكم المحلي للحجاز. وكان يتباهى بكونه هاشمياً، أي أنه كان من نسل بني هاشم وهي نفس العشيرة القرشية التي ينتمي إليها النبي نفسه .وفي الواقع كان لهذا الأمر وزن كبير بين العلماء، حتى إن كبير القضاة في إمارة شرق الأردن وافق على الفور على الطلب واعترف بالحسين كخليفة. أما ميزته الأخرى ،والتي كانت قيمتها محل شك بين جموع المسلمين، ولكنها كانت ثقيلة في ميزان سياسات القوى في شبه الجزيرة العربية، فهي كون الشريف حليفاً لبريطانيا، القوة العظمى آنذاك، وكان قد تلقى دعماً مالياً ودبلوماسياً وعسكرياً ضخماً من بريطانيا في ثورته الناجحة ضد السلطة العثمانية في الحجاز .لقد ارتكب الشريف حسين ،حينما طالب بالخلافة لنفسه، أفدح وأشنع خطأ عندما لم يحصل أولاً على موافقة البريطانيين ليفعل ما فعل .وهذا هو واقع الدولة العميلة الجوهري، فالحرية تكون محدودة فيها بشكل مؤثر. لقد تجاوز الشريف حسين القانون الأساسي لسلوك الدولة العميلة. فماذا كان رد فعل البريطانيين يا ترى؟ إن السياسة البريطانية الآن في شبه جزيرة العرب متعددة الاتجاهات ولكنها متحدة في نفس الوقت. فقد كان هناك أولاً، وقبل كل شيء، هدف سلب السيطرة على الحرمين من الخليفة. وكان الغرض من ذلك إضعاف شرعيته، وبالتالي إضعاف سيطرته على بقية العالم الإسلامي ومن ثم تسهيل هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية. ثانياً، أرادت بريطانيا نظاماً صديقاً يسيطر على الحجاز ليتسنى لها التلاعب بسياسات شبه الجزيرة بصورة أفضل. وأخيراً، فقد كانت سياسات شبه الجزيرة وهزيمة العثمانيين مرتبطة بصورة إستراتيجية بجهود الصهيونية لبناء اتحاد شيطاني مع بريطانيا سعياً في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وقد اتضحت هذه السياسة المتحدة في نهاية المطاف بمعاهدة سايكس بيكو في عام 6961 وبإعلان بلفور في عام 6967. ومن ثم فإن القوة العظمى في ذلك الوقت وما يدعى الشعب المختار سيكونان مرتبطين في اتحاد له تبعات حقيقية جسيمة عليهما وعلى البشرية. لقد كان هدف السياسة المتحدة تفكيك النظام الإسلامي العام برمته ليصير الإسلام عاجزاً عن منع الصهاينة من تحقيق هدفهم. وقد أبُطلت المؤسسات الإسلامية المرتبطة كلياً بنظام أهل الذمة والجزية الإسلامي العام في الإمبراطورية العثمانية الإسلامية عام 1211 كنتيجة مباشرة للضغط الأوربي. ولكن ما دامت مؤسسة الخلافة باقية فسيكون بإمكان النظام الإسلامي العام دائماً أن يتباطأ ثم ينتعش في نهاية المطاف. لذا فان الهجمة على مؤسسة الخلافة كانت ذات أهمية قصوى من أجل تحقيق الهدف الأوربي اليهودي النهائي. وقد كان من الواضح أيضاً لدى البريطانيين والصهاينة أن إنشاء وطن قومي لليهود أي دولة إسرائيل اليهودية في فلسطين المسلمة غير ممكن وليس من المؤمل أن يدوم طالما كان للعالم الإسلامي خليفة بوسعه تعبئة موارده الهائلة وحماسه الديني وتوجيه ذلك لأهداف عسكرية. لذا فان السيطرة على الحجاز، والذي كان غاية في الأهمية في سياسات شبه الجزيرة، كان أمراً أولته الدبلوماسية البريطانية أقصى اهتمامها. ولكن مطالبة الشريف حسين الهاشمي بالخلافة لم يتلاءم مع الأهداف الدبلوماسية البريطانية، إذ إن تلك المطالبة كان من الممكن لها على الدوام أن تنجح. وحينئذ سيكون الشريف حسين قد عبأ العالم الإسلامي إلى درجة تمكنه من إعادة تأسيس النظام الإسلامي العام و نظام السلام الإسلامي على الأرض التي تمثل رمزاً إسلامياً قوي اً، ومن ثم سيشكل خطراً على النفوذ والسيطرة البريطانية على أرجاء واسعة من دار الإسلام. فضلاً عن أن عالماً إسلامياً منبعث اً من جديد من شأنه أيضاً أن يجعل السيطرة اليهودية على فلسطين والقدس أمراً مستحيلاً. لذلك فقد أعطت بريطانيا مباركتها لعميل بريطانيا الآخر في شبه الجزيرة، ألا وهو عبد العزيز بن سعود، ليتحرك ضد حسين ولينتزع منه السيطرة على الحجاز. وكان هذا منتهى فن الخداع وقمة النفاق . فقد اس تخُدم أحد العملاء للتخلص من عميل آخر. لقد رعت بريطانيا صداقة ابن سعود و تحالفه معها خلال الحرب واستخدمت كعادتها الدبلوماسية المالية أي الرشوة . فقد كان ابن سعود يتقاضى شهرياً مبلغ 1111 جنيه إسترليني من الخزانة البريطانية لقاء حياديته الكريمة تجاه ثورة الحسين ضد الخليفة وتجاه فرض الحكم الهاشمي على الحجاز وتجاه الجهود البريطانية على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري في شبه الجزيرة التي كانت موجهة ضد الدولة العثمانية الإسلامية. لقد برر ابن سعود مخالفته الصريحة لأمر الله عزوجل ولأمر رسوله بطريقة شيطانية عن طريق تسمية هذه الرشوة بالجزية. القرآن 1611 ولكن الدبلوماسية البريطانية حيال ابن سعود كانت موجهة لأغراض ذات أهمية إستراتيجية أكبر بكثير من مجرد الحيادية في الحرب وأكبر من التخلص من الشريف حسين المتهور. لقد كان لابن سعود إمكانيات أكبر بكثير بدأت بريطانيا بالتحرك الآن لاستغلالها على أثر مطالبة الشريف حسين بالخلافة . إن قوة ابن سعود في نجد، والتي عادت من جديد بالسيطرة على الرياض عام 1919، كانت نتاج تحالف قديم بين زعيم القبيلة وبين الزعيم الديني لفرقة الدينية. وما ضمنه هذا التحالف هو أنه طالما سيسيطر أحفاد زعيم القبيلة على القوة السياسية ضمن الأراضي التي يحكمها التحالف، فان الشؤون الدينية ستكون خاضعة لسلطة أحفاد الزعيم الديني. وبالتالي فقد كان لزاماً أن يقع السعوديون النجديون تحت ضغط الدينيين في محاولة لإخضاع قلب الإسلام الحجاز بالقوة للفهم الديني لحقيقة الدين. وكانت بريطانيا في منتهى السرور لإعطاء ابن سعود الضوء الأخضر كي يحرك قواته ضد حسين بعد أربعة أيام من مطالبة الهاشمي بالخلافة لنفسه .ولم يكن بوسع ابن سعود الصبر ليتحرك ضد حسين والسبب مهما بدا غريباً هو أن السيطرة اليهودية على القدس والسيطرة الدينية على الحجاز كلتيهما واجهتا نفس التهديد .ولم يكن لأي منهما أن تتحقق أو أن تدوم طالما للعالم الإسلامي خليفة يحكمه . وبمؤازرتهم لابن سعود فان البريطانيين كانوا يضمنون عدم إمكانية عودة الخلافة ما دام السعوديون الدينيون يفرضون هيمنتهم على الحجاز. وزد على ذلك أن البريطانيين قد تيقنوا أن النظام الإسلامي العام لم يكن بمقدوره الاستمرار دون وجود الخلافة، وبالتالي فان العالم الإسلامي سيضعف كثيراً إلى حد استحالة تعبئته لمنع إنشاء دولة إسرائيل اليهودية. وقد علمت بريطانيا كذلك أن الدينيين أنفسهم لا يمكنهم أن يطالبوا بالخلافة إذ أن خليفةً وهابياً سيكون دوماً محل رفض الأغلبية الساحقة من المسلمين في العالم. لذا فان بريطانيا بسحب دعمها لحسين وإعطائه لابن سعود كانت في الحقيقة تواصل هجمتها الوحشية على مؤسسة الخلافة وعلى النظام الإسلامي المركزي العام. وتمكن ابن سعود خلال أشهر قليلة من انتزاع مكة، أما حسين فقد هرب إلى جدة. ثم تدخلت بريطانيا في آخر المطاف لإبعاده كلياً من شبه الجزيرة فعرضت عليه منفى مريح في قبرص. وسرعان ما أصبحت المدينة المنورة وجدة أيضاً تحت الحكم السعودي الديني. لقد نجح التحالف السعودي الديني قبل أكثر من قرن مضى في التغلب على دفاعات الطائف ومكة حيث ترتب على ذلك حمامات دم بأحجام مفجعة في الواقع. فقد عد الدينيون، بحماسهم المتعصب ،المسلمين القاطنين في الحجاز كمشركين وبالتالي فان هذا يجعل من الجائز قتلهم. ومن جانبه قام الخليفة في اسطنبول بالإيعاز إلى محمد علي، خديوي مصر المملوكي، ليرسل جيشاً إلى الحجاز بقيادة ابنه إسماعيل. وقد تم طرد المحاربين السعوديين الدينيين بالقوة إلى خارج الحجاز ثم إلى الصحراء. ورغم ذلك فبعد مضي قرن من الزمن لم يعد هنالك خليفة وأضحت جميع المجتمعات الإسلامية تحت السلطة الاستعمارية الغربية. أضف إلى ذلك أن ابن سعود تمتع بالحماية التي وفرتها له صداقته لبريطانيا العظمى التي كانت القوة العظمى آنذاك. وبناء على ذلك فلم تكن هنالك أية احتمالية قريبة لإزاحة القوات السعودية الدينية من الحرمين والحجاز . وعلى الرغم من كون ابن سعود متمتعاً بالسيطرة الآمنة على الحجاز، فقد بقي يواجه مشكلة حقيقية كبيرة إثر استهلال حكمه هناك عام 1916. فقد كان عليه أن يبتكر إستراتيجية معينة ليتجنب الاحتمالية بعيدة الأمد المتمثلة في تكرر الكارثة التي حلت على الحكم السعودي الديني السابق على الحجاز. ويبدو أنه فكر أولاً بسياسة للمصالحة مع المسلمين غير الدينيين فضلاً عن استخدام سلطته على الحجاز لتعزيز قضية توحيد الأمة. وهكذا وبعد فترة وجيزة من حصوله على السيطرة على مكة وبعد حصوله على اعتراف سكانها به كسلطان للحجاز، قام ابن سعود بإعلان موجه للعالم الإسلامي كانت فحواه أن الحجاز مع الحرمين هو ملك لكل العالم الإسلامي وأنه، أي ابن سعود ،يضع الحجاز تحت سيطرته كأمانة لا غير نيابة عن العالم الإسلامي. 1 ومن ثم قام ابن سعود بدعوة العالم الإسلامي برمته كي يرسلوا ممثليهم إلى مكة كي يتسنى لهم تأسيس إدارة كفوءة وعادلة للحجاز مبنية على أساس الشورى والإجماع. إن هذا البيان المهم كان متماشياً بالكلية مع شروط النظام الإسلامي العام. وكان الحجاز آنذاك لا يزال دار الإسلام التي أسسها النبي. إذ لم تكن هناك إلى حد الآن أية إشارة لأية دولة سعودية قد تطالب بـ السيادة الإقليمية في الحجاز. وكانت حقوق المسلم في ربوع دار الإسلام ما تزال تحظى بالاعتراف والاحترام . ولكن لسوء الحظ فان هذا القلق حيال وحدة العالم الإسلامي وهذا الإعلان الحماسي الخاص بالوضع في الحجاز لم يمثل الخطط السعودية الدينية الحقيقية الخاصة بالحجاز .فالأمر لم يتجاوز كونه قضية سياسات توافقية تم وضعها من أجل حماية السعوديين الدينيين على أعقاب مبادرة خطيرة تبنتها جامعة الأزهر في القاهرة بعد فترة وجيزة من إلغاء الخلافة العثمانية .وبالفعل فقد كان لمبادرة الأزهر انعكاسات محفوفة بالمخاطر على ابن سعود وعلى الحكم السعودي الديني على الحجاز. فضلاً عن أنها شكلت مأزقاً حرجاً للصهاينة والبريطانيين المنتصرين. لقد اقترح الأزهر عقد مؤتمر إسلامي عالمي للخلافة مؤتمر الخلافة في القاهرة وكان من المقرر لهذا المؤتمر، من بين أمور أخرى، تعيين خليفة جديد للعالم الإسلامي. ولو أن الدينيين كانوا أصلاً مذعنين للإسلام لرحبوا بجهد الأزهر هذا من أجل تحقيق الامتثال لأحد متطلبات الشريعة الأساسية، ألا وهو تأسيس خلافة حقيقية. ولطالما اعتبر الدينيون الخلافة التي تلت الخلافة الراشدة باطلة وكان أحد أسباب ذلك أن هذه الخلافة لم تؤسس بطريقة تتماشى مع الشروط الشرعية. والآن وبما أن الخلافة الباطلة قد ألغيت وكان مركز التعليم الإسلامي الرئيسي بصدد عقد مؤتمر إسلامي عالمي لمناقشة مسألة الخلافة ولتفعيل عملية تعيين خليفة جديد، فلم يكن على الدينيين قبول ذلك فحسب، بل كان عليهم تقديم كل تعاون ممكن ولكان عليهم المشاركة بطريقة جدية في هذا المؤتمر من أجل ضمان عودة الخلافة الحقيقية. ولكن الدينيين لم يكن لديهم هذا الامتثال للإسلام. فقد كان تصرفهم في الحقيقة عبارة عن تدين انتقائي و نفعي وانتهازي. لقد عرف الدينيون أن العالم الإسلامي ما كان ليقبل خليفة وهابياً، ونتيجة لذلك فقد وجدوا ما يلائمهم في إنكار أحد المتطلبات الأساسية للنظام الإسلامي العام. فقد جندوا كل طاقاتهم لتخريب مؤتمر الخلافة في القاهرة. وكانت إستراتيجيتهم تقضي بتنظيم مؤتمر منافس في مكة في موسم الحج من عام 1916. وكان ذلك يعني أن مؤتمر مكة سينعقد بعد شهر من انعقاد مؤتمر القاهرة، الأمر الذي سيجعل من الصعب على الوفود أن يحضروا المؤتمرين كليهما. وبما أن مؤتمر مكة تم توقيته ليكون متوافقاً مع الحج، وكان هذا المؤتمر يحظى بالدعم الفعال للبريطانيين فقد كان له حظوة واضحة على مؤتمر القاهرة. ثانياً، لقد قاموا وعلى وجه التخصيص باستبعاد مسألة الخلافة من جدول أعمال مؤتمر مكة. لقد كانت هذه المحاولة المكشوفة لتخريب مؤتمر القاهرة ولدفن الخلافة تمثل أكثر من دليل دامغ لفضح مزاعم الدينية في ادعائهم أنهم أبطال الشريعة والإسلام . إن استجابة العالم الإسلامي لهذه المنافسة، أي مؤتمر الخلافة في القاهرة في أيار/حزيران من عام 1916 ومؤتمر العالم الإسلامي في مكة في تموز 1916، هو موضوع جدير بالبحث الجدي. فعلى سبيل المثال ما مقدار الدبلوماسية البريطانية الذي تم بذله من أجل ضمان أن يبقى المجتمع الهندي المسلم المهم الذي ساند الخلافة العثمانية إلى حد أنهم أسسوا جمعية الخلافة الهائلة بعيداً عن مؤتمر الخلافة في القاهرة ويحضر بدلاً عن ذلك إلى مؤتمر مكة المنافس الذي اس تبُعدت مسألة الخلافة على وجه الخصوص من جدول أعماله؟ ليس هناك سوى القليل من البحث في هذا الموضوع . ومع ذلك، فما كان جلياً هو أن مؤتمر مكة قد حقق انتصاراً تكتيكياً على مؤتمر القاهرة، وهو انتصار كان له انعكاسات هائلة على بقاء كل من مؤسسة الخلافة و النظام الإسلامي العام التقليدي، أي دار الإسلام . وقد تمنى منظمو مؤتمر القاهرة أن يضمنوا التوافق مع النظام الإسلامي التقليدي للمنظمة السياسية. إلا أنهم كانوا عاجزين فكرياً عن إيضاح كل من مفهوم النظام الإسلامي العام دار الإسلام والمفهوم الإسلامي لنظام عالمي قادر على إقناع العالم الإسلامي المتشكك . ومن ناحية أخرى فان منظمي مؤتمر مكة لم يرغبوا في البقاء أوفياء للنظام الإسلامي العام بكل ما يتضمنه هذا النظام من الخلافة ودار الإسلام ...الخ بسبب المصالح الممنوحة لهم. بل إنهم بدلاً من ذلك اختاروا قبول نظام منافس خاص بمنظمة سياسية كان قد ظهر في الحضارة الغربية الحديثة، ذلك النظام الذي اخترق مركز الخلافة العثمانية ذاته، ألا وهو نظام الدولة القومية العلمانية بعينه. وقد فعلوا ذلك لأن نظام الدولة القومية كان النظام الوحيد الذي يستطيع من خلاله السعوديون الدينيون بصورة ملموسة متابعة جهدهم لكسب الاعتراف والشرعية لصالح حكمهم على الحجاز وبالتالي ضمان بقاء الدولة السعودية. لقد موهوا مخططاتهم الحقيقية وقاموا بمحاولة مدروسة لاستغفال العالم الإسلامي . وكان نجاحهم في لعبة الخديعة هذه متجلياً بشدة في الصفة التمثيلية التي تحلى بها مؤتمر مكة. إن النصر التكتيكي الذي أحرزه مؤتمر مكة في منافسته لمؤتمر القاهرة كان له دور مهم في تهيئة الطريق لبقية العالم الإسلامي، وبضمنه قلب الإسلام، كي يتبعوا في النهاية مثال مصطفى كمال ونموذجه للدولة العلمانية في تركيا. ومنذ عام 1916 و تاريخ العالم الإسلامي يسجل من جهة الدواهي التي تم حقنها في جسد الأمة من خلال هذه المنظمة السياسية الدخيلة، ومن جهة أخرى يسجل المحاولات الساذجة والمشوشة والسطحية لعلماء الإسلام المعاصرين في إعادة بناء النظام الإسلامي العام على الأسس العلمانية لنظام الدولة القومية. وما أفرزته هذه الجهود كان هدف الأسلمة وهدف تأسيس الدولة الإسلامية داخل نظام الدولة القومية. ولكن هذين الهدفين كانا عديمي الجدوى لان تحقيقهما كان ولا يزال مستحيلاً ما لم يتم في البدء إلغاء بعض المكونات الضرورية من الدولة القومية ،أي ضرورية لبقائها كمؤسسة علمانية. وقد غامر كل من الدكتور محمد إقبال والملا أبو الأعلى المودودي في اجتهادهم من أجل إعادة بناء النظام الإسلامي العام في إسلام ما بعد الخلافة .وقد تمخضت جهودهم عن مفهوم اسمه الدولة الإسلامية . ولكن للأسف فان جهود إنشاء الدولة الإسلامية أدت إلى إبعاد نظام المنظمة السياسية الإسلامي التقليدي للأمة أو النظام الإسلامي العام نظام السلام الإسلامي أو دار الإسلام وجعله في عزلة تامة. وكنتيجة لذلك أصبح الفكر السياسي في العالم الإسلامي مض ل لاً بصورة كبيرة وبالتالي أضحى الاضطراب الشديد الناتج عن ذلك مستمراً حتى يومنا هذا.

الفصل الثاني انهيار الخلافة العثمانية وقيام الدولة القومية السعودية الدينية

الحرب العالمية الأولى وإلغاء الخلافة العثمانية لقد كانت الحرب العالمية الأولى بالنسبة للعالم الإسلامي أكبر من كونها مجرد حرب أوربية .فلقد كانت بلا ريب حرباً أدت إلى ثورات و تغيرات في العالم الإسلامي لم يشهد مثلها خلال ثلاثة عشر قرناً من وجوده . أولاً، إن الإمبراطورية العثمانية، التي كانت اكبر قوة للمسلمين ومقراً للخلافة المعاصرة، دخلت الحرب إلى جانب قوى المحور. وفي الوقت الذي لا يزال فيه القرار موضع جدل إذ أن القيادة العثمانية وحتى اللحظة الأخيرة لم تقرر هل ستدخل الحرب أم لا، وإذا ما دخلت فأي جانب ستساند فقد كان هناك أسس لتخمين وجود دور بريطاني صهيوني في القضية. فالقادة اليهود الصهاينة قد قاموا بعدة محاولات فاشلة لعقد اتفاق مع الخليفة يقضي بسيطرة اليهود على القدس. حتى إنهم قدموا عرضاً لشراء المدينة المقدسة. وقد ساندت بريطانيا هذه المحاولات اليهودية الصهيونية. وكان لبريطانيا في الحرب أهداف سياسية وعسكرية كان أهمها قهر الإسلام بصفته قوة عالمية واحتلال القدس وإنشاء وطن يهودي في فلسطين من شأنه أن يمزق الشرق الأوسط ويراقبه بالنيابة عن الغرب . وقد حاولت القيادة العثمانية كما هو متوقع تعبئة الدعم في مجهودها الحربي من العالم الإسلامي بأسره . وفي هذا الصدد قام شيخ الإسلام في الدولة الإسلامية العثمانية بإصدار فتوى وبيان في 99 تشرين الثاني من عام 6961 معلناً الجهاد ومطالباً جميع المسلمين بالقتال ضد قوات الحلفاء. غير أن الدبلوماسية البريطانية نجحت في تعزيز واستغلال القومية العربية في شبه الجزيرة العربية كوسيلة فعالة لمهاجمة وتقويض القوة الهائلة التي تتمتع بها الأخوة الإسلامية العالمية. وكنتيجة لذلك فقد تمرد العرب ضد الحكم العثماني على أساس عرض قدمته بريطانيا للمساعدة على تحقيق الاستقلال الوطني. وفي أقل من سنتين من بدء الحرب كان الشريف حسين من ادعى كونه ملك العرب والذي هو الحليف القوي للبريطانيين وأبو جد الملك حسين ملك الأردن قد نجح في تمرده ضد السلطة العثمانية وتم تنصيبه ملكاً على قلب الإسلام، الحجاز. وكان عاقبة ضياع مكة و بالتالي المدينة أن الاستغاثة التي أطلقها الخليفة العثماني لجميع المسلمين قد لاقت ضرراً يتعذر إصلاحه. أما البريطانيون فقد أتبعوا نجاحهم في الحجاز بتنصيب أولاد حسين كملوك على العراق وعلى إمارة شرق الأردن كذلك. وبحلول عام 1919 دخل الجنرال البريطاني الينبي ، مع القوات العربية التي قاتلت معه بإخلاص، كمنتصر إلى القدس حيث أعلن أن الحروب الصليبية قد انتهت أخيراً. وظلت فلسطين تحت الانتداب البريطاني بتفويض من عصبة الأمم حتى انسحب منها البريطانيون في عام 1912 وأعلن الصهاينة اليهود تأسيس دولة إسرائيل. لقد هزمت الإمبراطورية العثمانية في الحرب شر هزيمة. فقد جمعت قوات الحلفاء تفوقها العسكري مع سلاح نفسي كان له تأثيرات بعيدة المدى على الإسلام. فقد نجح البريطانيون والفرنسيون في كسب الدعم الإسلامي العسكري بطرق فاسدة أكثر من كونها عادلة من الهند والمغرب ومناطق أخرى، وهكذا أصبح المسلم العربي وغير العربي كلاهما يقاتلان ضد أخوانهم المسلمين الأتراك. والنتيجة لم تكن هزيمة الإمبراطورية العثمانية فحسب، بل دُمُرت أسسها الإسلامية العالمية. وعلى أنقاض هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى خاضت قوات القوميين الأتراك بقيادة مصطفى كمال الحرب تلو الحرب إلى حد أن القوات الأوربية التي أنهكتها الحرب، والتي أحجمت عن التدخل استجابة لرأيها العام المحلي، لم يكن بوسعها أن تفعل شيئاً لمنع الأتراك من إلحاق الهزيمة الشنعاء باليونانيين وكسب الحرية التركية. وقد أعطت معاهدة لوزان الموقعة عام 1916 الاعتراف العالمي بذلك والذي كان نتاج السواعد التركية على أرض المعركة. القوميون الأتراك والخلافة لقد كانت قوات القوميين الأتراك في صراع مستمر مع الخليفة لأكثر من خمسين عاماً يناضلون من أجل تحديد سلطاته من خلال نظام دستوري يحل محل ما اعتبروه دكتاتورية استبدادية. وكانت قوات القوميين الأتراك في الأساس علمانية في مظهرها السياسي وكانوا متأثرين للغاية بما فهموه كتفوق جلي للحضارة الغربية على الخلافة العثمانية وعلى الإمبراطورية الإسلامية . وفي أعقاب ضياع مكة والمدينة وبعد أن حارب إخوانهم المسلمون ضدهم في الحرب، فقد أحسوا بعدم وجود أي رابط ملزم تجاه العالم الإسلامي. وسرعان ما توجهوا لتحويل نظامهم السياسي من النموذج القديم المتمثل بـ دار الإسلام أو النظام الإسلامي العام إلى النظام الغربي المتمثل بالدولة القومية العلمانية الحديثة، أي الجمهورية التركية. وفي مثل هذا التحول فقد كان من المحتم ولا يزال وجود نوع من فصل الكنيسة عن الدولة ، إذ أن هذا هو الأساس الحقيقي للنموذج الغربي .1 وقد قامت الجمعية العمومية الوطنية التركية، المخلصة للنموذج العلماني الجديد الذي كانت تمثله، بتعيين عبد المجيد كخليفة في عام 6999 ليكون رئيساً للكنيسة الإسلامية. إلا أن خلافته كانت مجردة من جميع سلطاته. فهذه السلطات كانت منوطة بالدولة. وقد كان من المحتم على النموذج الجديد أن ينهار في البيئة الإسلامية لتركيا .فقد كان ولا يزال من المحال أن نفعل مع الإسلام نفس ما فعله الأوربيون للمسيحية بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية. فلم يكن الخليفة ولن يكون مساوياً للبابا. 1 فلم يكن هنالك مجال للعلمانية السياسية في النظام الإسلامي طالما أن الإسلام التقليدي لم يفرق بين الكنيسة والدولة. فضلاً عن عدم وجود شيء اسمه كنيسة إسلامية. وسرعان ما أصبح جلياً أن النموذج الجديد للدولة القومية الحديثة ما كان ليظهر طالما كانت مؤسسة الخلافة قائمة. وقد ظهرت ثمة علامات كالمساندة البريطانية لجمعية الخلافة في الهند على أن أعداء الجمهورية الكمالية قد يلجئون إلى استخدام الخليفة لزعزعة الجمهورية ومن ثم لتنحية مصطفى كمال. وبدورها فإن القوات القومية التركية فهموا بسرعة وبوضوح أن الدولة القومية في البيئة الإسلامية عليها إما أن تستجمع قواها للسيطرة على الإسلام ولجعله خاضعاً للدولة، أو تقاسي مصيرها حسب وجهة نظرهم حينما يسيطر الإسلام على الدولة ويستعيد دار الإسلام. لذا فلم يكن من المفاجئ أن تتبنى الجمعية العمومية الوطنية التركية في 9 آذار من عام 1916 قانوناً آخر يلغي الخلافة. وكانت المادة الأولى من القانون كالآتي يعزل الخليفة، وتلغى مؤسسة الخلافة طالما أن الخلافة ممثلة بصورة أساسية في معاني ودلالات كلمة الحكومة وكلمة الجمهورية . 7 إن نص هذا القانون قد سجّل لحظة حاسمة في تاريخ الأمة. فبعد مدة دامت ألفاً وثلاثمائة سنة كانت مؤسسة الخلافة خلالها تحظى باعتراف المسلمين كلهم تقريباً من دون استثناء أي المسلمين السنيين كضرورة من ضرورات الدين ،حتى حينما كان كرسي الخلافة يؤُخذ بطرق مخالفة لمبادئ الإسلام، وجد العالم الإسلامي نفسه في القرن الرابع عشر من وجوده من دون خليفة .لقد كان التغير أكيداً ودائما، حتى إن المرء قد يعذر حين يستنتج أن العالم الإسلامي الآن قد انتقل إلى مرحلة ما بعد الخلافة من وجوده. رد جامعة الأزهر على إلغاء الخلافة العثمانية إن المغزى من إلغاء الخلافة موجود في نفس المادة الأولى من قانون الإلغاء، بمعنى أن الخلافة كانت قد استبدلت وحل محلها الدولة القومية العلمانية الحديثة. لقد استبدلت مؤسسة تعد جزءً من الدين الإسلامي بتأثير من الفكر السياسي والحضارة الغربيان، وحل محلها نظام سياسي ينتمي للعالم الغربي ،أما مصطلحات الحكومة والجمهورية التي استخدمت في النموذج التقليدي القديم فقد أصبحت تستخدم الآن بمعنى جديد كي يلائم النموذج الجديد. حتى أن مفكراً عظيماً كالدكتور محمد إقبال لم يفهم بصورة ملائمة على ما يبدو الطبيعة الحقيقية للتغيير الذي كان يجري .2 وإذ أن الخلافة هي أحد مكونات الدين الإسلامي، فقد كان من الواضح من وجهة النظر الدينية أن هنالك بدعة ً كبيرة ً وشنيع ةً تقترف، الأمر الذي يتطلب رداً دينياً مناسباً. وبعد اثنين وعشرين يوماً من إقرار القانون في الجمعية العمومية الوطنية التركية التقى شيخ جامعة الأزهر في القاهرة بأبرز العلماء الموجودين في الجامعة وفي مصر وتم إصدار البيان التالي بشأن الخلافة إن حقيقة الخلافة، التي هي مرادفة للإمامة، هي رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا. وإن وظيفتها الرئيسية هي حفظ حوزة الملة وإدارة الأمة. وقد حصر البيان هذه الرئاسة العامة في منصب الإمام الذي تم تعريفه بما يلي هو الذي ينوب عن الأمة في السلطان لتنفيذ أحكام الشرع وإدارة الشؤون المدنية حسب ما تقتضيه الشريعة. ولا يكون الإمام إماماً إلا إذا تابعه أهل الحل والعقد في الأمة 9 بعقد البيعة، أو إذا اختاره الخليفة ليكون خليفة من بعده. وتنعقد الإمامة أيضاً عن طريق التغلبّ، أي إذا تغلبت جهة أخرى على الخليفة واستولت على مكانه فان الخليفة يخسر منصبه. وفي بعض الأحيان فان الإمامة المكتسبة بالتغلب تتعزز بعقد البيعة أو باختيار الخليفة السابق كما كان الحال بالنسبة لأغلب الخلفاء في الماضي 61 وبالعودة إلى الموقف الصعب الذي يواجههم، فان البيان قد أدان أمرين على أنهما بدعة لم يكن لها سابقة في الإسلام ،أما الأول فقد كان تعيين عبد المجيد في خلافة قد جردت من سلطتها، وهو الأمر الذي تبنته الجمعية العمومية الوطنية التركية، وأما الثاني فقد كان إلغاء الخلافة. ولما كانت هذه البدعة متعارضة كلياً مع العقائد الدينية، فقد خلص العلماء إلى ضرورة عقد مؤتمر إسلامي يدعى لحضوره ممثلون عن كل الشعوب الإسلامية لدراسة موضوع من سيتولى أعباء الخلافة الإسلامية. لقد كان هذا آنذاك أول رد جدي للعالم الإسلامي على إلغاء الخلافة العثمانية. إلا أنه من الضروري ملاحظة أن الاقتراح قد مثل ابتعاداً ملفتاً للنظر عن السلوك السياسي المعهود في النموذج الإسلامي التقليدي. حتى أن المرء قد يعتبره بدعة. فقد كان علماء الأزهر يقترحون استخدام مؤتمر إسلامي، حتى وإن كان مؤتمراً يشارك فيه ممثلون عن جميع الشعوب الإسلامية، لتعيين خليفة جديد. فحتى النصف الأول من القرن الأول في التاريخ الإسلامي لم يتم انتخاب خليفة عن طريق الشعب .ولم يحدث في كل التاريخ الإسلامي أن ينتخب خليفة عن طريق جمعية أو مؤتمر لممثلي الشعوب الإسلامية .66 لقد واجه المقترح المصاعب السابقة حتى أن اللجنة المسئولة عن التخطيط للمؤتمر استبدلت القضية الانفجارية في انتخاب خليفة جديد ووضعت بدلها الموضوع الأقل إثارة للجدل والعملي بصورة اكبر المتمثل بتحليل الوضع وردود الأفعال المتوقعة. ومع هذا فإن النقطة الأهم هي أنه وللمرة الأولى في تاريخ التكوين السياسي للمسلمين قامت هيئة مهيبة مكونة من مسلمين متعلمين، وبصورة علنية، بتقديم فكرة تتمحور حول إمكانية أن تتولى جمعية أو مؤتمر من ممثلين عن جميع الشعوب الإسلامية مناقشة واتخاذ قرارات تخص أهم شؤون الأمة. وإنه لمن الصعب بمكان أن نقرر ما إذا كان هذا راجعاً إلى تأثير الحضارة الغربية كما يريدنا توينبي أن نعتقد .69 وعلى الرغم من ذلك فمن الصواب القول أن المؤتمر المقترح مادام يستخدم الشورى والإجماع فسيظل أقرب إلى الإسلام التقليدي من الخلافة كما صورتها جميع العصور الماضية من وجودها باستثناء العقود القليلة الأولى. الفصل الثالث مؤتمر الخلافة في القاهرة حزيران 1291 جدول الأعمال كان لمؤتمر الخلافة الذي عقد أخيراً في القاهرة في شهر حزيران من عام 1916 برنامج يتضمن النظر في المواد التالية 6 بيان حقيقة الخلافة وشروط الخليفة في الإسلام. 9 هل الخلافة واجبة في الإسلام؟ 9 بم تنعقد الخلافة؟ 1 هل يمكن الآن إيجاد الخلافة المستجمعة للشروط الشرعية ؟ 5 إذا لم يكن من الميسور إيجاد هذه الخلافة فما الذي يجب أن يعمل ؟ 1 إذا ما افترضنا أن المؤتمر قرر أن من الضروري نصب خليفة، فما هي الخطوات التي يجب أن تتُخذ لتفعيل هذا القرار؟ الوفود لقد جاءت الوفود التي حضرت المؤتمر من مصر وليبيا وتونس ومراكش وجنوب أفريقيا وجزر الهند الشرقية الهولندية إندونيسيا الآن واليمن والحجاز الآن في العربية السعودية وفلسطين والعراق وبولندا. وقد كان واضحاً غياب وفود الكثير من الدول والمجتمعات الإسلامية المهمة كتركيا وفارس إيران الآن وأفغانستان ونجد الآن في العربية السعودية و المجتمعات الإسلامية في روسيا والصين والهند. أما تركيا فقد رفضت دعوة المشاركة متذرعة بأن دولتها لا تعاني من أي مشكلة مع الخلافة. وأما إيران، الدولة الشيعية، فلم تظهر أي اهتمام بمؤتمر الخلافة السني. أما مسلمو روسيا والصين والهند وكل الأقليات التي تعيش في بيئات معادية للإسلام فقد تبنت موقفاً مشتركاً تمثل في ابتعادهم عن مؤتمر الخلافة في القاهرة معتبرين إياه ممارسة أكاديمية بحتة واجتماعاً مجرداً من أية قوة حقيقية، حتى إنه من المستبعد أن يمنحهم أية مساعدة أو حماية ملموسة .ولكنهم فعلوا ذلك في الأساس بسبب وجود مؤتمر منافس قد رتب له شخص يبدو أنه يشكل قوة حقيقية، ألا وهو عبد العزيز بن سعود. وفي الواقع كان هذا الأخير في هلع قاتل خشية عودة الخلافة ،فقد انتزع لتوه السيطرة على مدينتي مكة والمدينة المقدستين وضمها لسلالته المالكة . وأخيراً فقد كان من بين الحضور في مؤتمر القاهرة شيخ الطائفة السنوسية الصوفية السيد إدريس السنوسي الملقب بأمير برقة وطرابلس. وقد أشُيع أن هنالك احتمالية قوية لانتخابه كخليفة إذا ما قرر المؤتمر أن يختار شخصاً لهذا المنصب. 69 جلسات المؤتمر لقد انعقد المؤتمر بواقع أربع جلسات في 10 و11 و12 و13 حزيران من عام 1916. و في الجلسة الأولى تم تعيين اللجنة الأولى لغرض النظر في المقترحات وعرضها أمام المؤتمر. وسرعان ما اقترحت اللجنة أن تنعقد جلسات المؤتمر بسرية . وقد رُفض هذا المقترح في الجلسة الرابعة التي حضرها كامل الأعضاء مع حصيلة أن نحتفظ بالمحضر الحرفي الكامل لهذا المؤتمر كوثيقة عامة . 61 وفي الجلسة الثانية لكامل الأعضاء عيُنت اللجنتان الثانية والثالثة، أما اللجنة الثانية فقد وكل إليها النظر في الفقرات 6و 9و 9 من جدول أعمال المؤتمر، أما اللجنة الثالثة فقد وكل إليها النظر في الفقرات 1و 1و 1. إن قرارات اللجان الثانية والثالثة إضافة إلى المناقشات والقرارات المستندة إلى هذه التقارير قد شكلت جوهر عمل المؤتمر. وقد آن الأوان لننتقل إلى تحليل هذه التقارير. اللجنة الثانية لقد اعتمدت اللجنة الثانية في تعريف الخلافة على المؤلفات الموثقة للعلماء أمثال الماوردي وابن خلدون وآخرين .بل إنها ركزت بالخصوص على حقيقة أن الخليفة لا بد أن يجمع في منصبه بين القيادة الدنيوية والدينية. ثانياً، لا يجوز أن يكون هناك أكثر من خليفة واحد في كل مرة طالما أن دور مؤسسة الخلافة يتمحور، من بين أشياء أخرى، على توحيد الأمة .61 وكان السؤال الثاني الذي واجهته اللجنة هل الخلافة واجبة في الإسلام؟ أمراً لا يصدق على أقل تقدير . فلدينا هنا مؤسسة كانت دائماً ذات أهمية جوهرية لنظام الحكم بالنسبة للمسلمين السنة والتي كانت مع المسلمين منذ ممات النبي. وقد عاشت الأمة على مر تاريخها ليس مع الخلافة وحسب، ولكنها، إضافة إلى ذلك، لم تفكر بجدية أبداً في إمكانية وجود بديل لها .و من المؤكد أن المرء إذا ما تلبس بالمقترح القائل أن هنالك بديلاً ممكناً عن الخلافة فسيكون عرضةً لتهمة بالغة الخطورة وهي الابتداع. ومع هذا ،وكنتيجة لما عمله شخص واحد وهو مصطفى كمال التركي، فقد كان أعلى مركز للتعليم في العالم الإسلامي أجمع مطروحاً أمام مؤتمر الخلافة للنظر في السؤال هل الخلافة ضرورية في الإسلام؟ وعلى أية حال فربما كان هذا هو السؤال الأهم الذي كان على الأمة أن ترد عليه في تاريخها كله. فقد خلصت اللجنة، كما هو محتم، إلى تأكيد أن الخلافة كانت ضرورة في الإسلام ولكنها أمر لا يمكن تحقيقه في ذلك الوقت .61 وبتعبير آخر، فقد أوجب الله على المسلمين أمراً لم يكن باستطاعتهم تحقيقه في ذلك الوقت .ولكن هذا الجواب كان بالكاد مقنعاً، حيث إن الله العالم بكل شيء لا يكلف عباده ما لا يطيقون. وحينئذ، فأما أن لا تكون الخلافة ضرورة في الإسلام أو إنها كانت ضرورة ولا يمكن تحقيقها .وفي كلا الحالتين فإن الفشل في إعادة تأسيس الخلافة سيكون ذنباً مشتركاً سيعاقب المؤمنون عليه. أما بخصوص السؤال الثالث كيف يتم تحقيق أو عقد الخلافة؟ فقد كانت إجابة اللجنة كما يلي 6 النص من الخليفة السابق. 9 بيعة أهل الحل والعقد من المسلمين، أي الرجال الذين يطيعهم عامة الناس كالعلماء والأمراء والوجهاء وأهل الرأي والتدبير. 9 التغلب والقهر من شخص مسلم حتى لو لم تتوفر فيه الشروط الأخرى . 67 وقد أدى تقديم اللجنة الثانية لهذا التقرير إلى مناظرة مهمة ومثيرة جد اً بين عبد العزيز الأفندي، وهو أستاذ تونسي وكان أحد الموفدين العراقيين، وبين رئيس الوفد المصري الشيخ محمد الأحمدي الظواهري 62 حول إمكانية تطبيق المبادئ الإسلامية النظرية وضرورة الاجتهاد ثعالبي أفندي لا يشك شاك في أن مسألة الخلافة من أهم المسائل ، والبت فيها من الصعوبة بمكان عظيم . فأقترح تأجيل المؤتمر سنة حتى نقتل هذه المسألة بحثاً . وأن البحث الفقهي في هذه المسألة غير كاف . فللظروف أحكام وللأمكنة أحكام . وتأثر النظم الإسلامية ببعض السياسات الأجنبية له حكم آخر . الشيخ الظواهري نحن لم نرد فيما اجتمعنا لنظره من المسائل العلمية أن نكون مجتهدين لنحدث آراء جديدة ومذاهب جديدة في الإسلام . أن بحثنا ينحصر فيما نقول المذاهب المعتبرة في الإسلام . أما التطبيق فلكم أن تقولوا إن هذا ليس من اختصاصنا . ثعالبي أفندي لا أريد مذهباً جديداً أو القول بالاجتهاد ، إنما أقول ذلك مستفتياً . فإن كنتم تنقلون مسائل غير قابلة للتطبيق في هذا العصر فماذا يكون الحكم ؟ الشيخ الظواهري إن فتح باب تطبيق الأحكام الشرعية في عصر دون عصر خطر على الإسلام . نحن نعرف أن تطبيق أحكام الدين العامة شيء واحد ، أما مراعاة أحكام الأزمنة في إحداث شروط جديدة فلا نقول بها . 69 إن إصرار الشيخ الظواهري على أن الشريعة أو القانون الإسلامي المقدس المنزّل غير خاضع للتنقيحات لملائمة الظروف والأوقات المختلفة كان أمراً سائغاً تماماً بالطبع. فلا بد للشريعة أن تبقى محفوظة بشكلها الذي نزلت به بغض النظر عما إذا وجد المسلمون أنفسهم قادرين أم لا لتطبيقها في عصر معين. لذلك فإن استعادة الخلافة بالنسبة للشيخ الظواهري كان واجباً دينياً. وقد كان مصيباً بذلك فعلاً! وكان طرح الثعالبي أفندي للسؤال الذي لم يتلقّ أي إجابة عليه أكثر من سائغ، ذلك السؤال الذي مفاده إذا ما كانت استعادة الخلافة واجباً دينياً في عنق المسلمين فماذا ستكون العواقب عليهم إذا فشلوا في سعيهم لاستعادة الخلافة؟ إن الخلل الرئيسي في طريقة كل من الظواهري والثعالبي أفندي تمثل في عدم التفاتهم إلى النص القرآني الصريح الذي يشير إلى أن الله قد جعل لكل مجتمع ديني شريعةً ومنهاجا ً أو طريقاً مفتوحاً . 91 ونتيجة لذلك فبالإضافة إلى القانون المقدس الخالد الذي لا يتغير والذي أصر الظواهري على أن نظل أوفياء له على الدوام، فهناك أيضاً منهاج مرن حيث يمكن للعبقرية البشرية أن تتجلى فيه بتكييفه حسب الأوضاع والحالات مع الحفاظ على القانون في الوقت ذاته. إن المشكلة الأساسية، التي فشلت اللجنة الثانية والمؤتمر بأسره في إدراكها وفي معالجتها والتي نتج عنها فشل المؤتمر ،كانت مشكلة إعادة النظر في ما يسمى بالتفسير التقليدي للنظام الإسلامي العام دار الإسلام وللمفهوم الإسلامي للنظام العالمي. فمؤسسة الخلافة لم تنشأ في فراغ. وإنما مثلت جزءً من دار الإسلام. ودار الإسلام لم تعد موجودة في العالم في العام 1916. بل إنها لم تكن موجودة حتى في مكة أو المدينة .لقد عاد العالم الإسلامي إلى مرحلة ما قبل الهجرة من وجوده. إن حل هذه المشكلة يتمثل بتأسيس جماعات متعددة في كافة أرجاء العالم الإسلامي، وكل جماعة لها أمير أو إمام يبايعه أعضاء تلك الجماعة، ومن ثم يتولى الأمير شؤون الجماعة بحذر وإلى أقصى حد ممكن بطريقة تتلاءم مع الشريعة. حتى إذا ما ظهرت إمكانية إنهاء الحكم السعودي الديني على الحجاز وصار بمقدور المسلمين استعادة الاستقلال الحقيقي للحجاز فحينئذ سيكون من الممكن استعادة دار الإسلام. وفي ذلك الوقت سيكون لدار الإسلام أمير وسيكون على أمير كل جماعة إعطاء البيعة لأمير دار الإسلام وقد أمر الرسول في حالة كان هنالك رجلان يدعّيان الإمارة على جماعة المسلمين في الوقت نفسه أي في دار الإسلام فينبغي قتل الثاني منهم . إنه لأمر بالغ الأهمية أن نلاحظ أن الآية القرآنية يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم النساء 19 لم تأمرنا أن نطيع شخصاً واحداً كونه ولي الأمر. بل إنها أمرتنا بطاعة أولي الأمر بالجمع . لذا فإن القرآن يقر بوضوح إمكانية وجود قيادة جماعية مؤقتة في الأمة ما دامت دار الإسلام غير موجودة. في المرحلة المبكرة لتاريخ الإسلام بعد وفاة الرسول، أعطت الأمة السلطة على كامل المجتمع لشخص واحد. وكان هذا، ولا يزال، أمر لا غنى عنه لتدعيم التكوين السياسي الإسلامي. وبالتأكيد فقد اتضح ،ولنفس السبب، ضرورة تحديد اختيار القائد ليكون من قبيلة قريش، وهي القبيلة التي ينتمي إليها الرسول. إلا أن القيادة المركزية، على الرغم من ذلك، دامت قرابة قرن من الزمان قبل أن تظهر التعددية. وحينئذ لم تفلح الأمة طوال بقية تاريخها في استعادة القيادة المركزية. ولكنها، مع ذلك، ظلت موجودة كأساس عقائدي من المفترض على الأمة أن تطمح إليه. ولكن ينبغي أن نفهم أن القرآن حينما أقرّ إمكانية تعددية القيادة فقد مكّن الأمة من استعادة نظام القيادة المركزية في دار الإسلام من خلال عملية تدريجية تعترف مؤقتاً بتعددية القيادة على جماعات مختلفة ما دامت دار الإسلام غير موجودة. لقد فشلت اللجنة الثانية في النظر في هذه الإمكانية، ونتيجة لذلك انتهى المؤتمر نفسه بالفشل. وقد احتوى تقرير اللجنة الثانية على خلل خطير آخر، وهو خلل يعود للنظرية السياسية الإسلامية القديمة. فالتقرير يقول إن منصب الخليفة من الممكن أن يعطى عن طريق تعيين الخليفة السابق أو عن طريق التغلبّ. فليس هنالك لا في القرآن ولا في السنة النبوية ولا في نموذج الخلفاء الراشدين أي أساس يدعو إلى اعتقاد أن القيادة في الإسلام يمكن تكتسب عن طريق التغلبّ أو بتعيين الخليفة السابق. ومع هذا فمن الجدير بالذكر ملاحظة أن الإمارة الإسلامية في أغلب أزمان التاريخ الإسلامي بل وحتى في العالم الإسلامي المعاصر كانت بصورة مطردة في الغالب على شكل سلالات حاكمة أو عن طريق التغلبّ والحكم العسكري المعاصر الآن يشكل جزءً من التغلبّ . لقد أساءت الأجيال اللاحقة من علماء المسلمين فهم الطبيعة الحقيقية لتعيين الخليفة الأول أبو بكر رضي الله عنه المزعوم للخليفة الثاني عمر. و قد يشك المرء بالتأكيد بأن الكثير من علماء السنة قد استغلوا الفهم الخاطئ الذي ساد قرون التنظير اللاحقة لإعطاء الشرعية العقائدية لقرون السلالات الملكية الحاكمة في الإسلام. وفي الواقع فإن تعيين أبي بكر رضي الله عنه لعمر رضي الله عنه لم يكن بسبب أن منصب الخليفة أعطاه الحق لذلك، ولكن بسبب أن الناس الذين كان لهم الحق في تعيين الخليفة الجديد وكلوا ذلك الحق بحرية لأبي بكر رضي الله عنه . لقد كان العلماء في الحقيقة مخطئين خطأً فادحاً في إعلانهم أن الشريعة أجازت أن يقوم الخليفة الحالي بتعيين من يخلفه وأخطئوا في دعمهم نتيجة لذلك للسلالات الملكية الحاكمة على مر تاريخ الخلافة وحتى يومنا هذا كالأمويين والعباسيين وكالخلافة العثمانية والمملكة السعودية في الجزيرة العربية والمملكة الهاشمية في الأردن والمملكة الشريفية في مراكش فضلاً عن الممالك الخليجية المتعددة. و بعد ذلك، ولخلط الأمور أكثر، قام العلماء بمنح كل من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين لقب الخلفاء الراشدين مؤكدين بذلك أن ثمة شيئاً خاطئاً بصورة جدية في خلافة معاوية وكل من جاء بعده. والأمر اللافت للنظر في خلافة الخلفاء الأربعة الأول بالطبع كان الغياب التام حتى لشائبة الشبهة في وجود السلالة الملكية الحاكمة أو اكتساب المنصب عن طريق التغلبّ. هذا وإننا ندرك أن هناك البعض ممن يتساءل عن الحكمة في قيام العلماء بإسدال ستار الخلفاء الراشدين بموت علي . وهم سوف يصرون على أن يضُم معاوية إليهم أيضاً. ورغم ذلك فإن هؤلاء يشكلون أقلية ضئيلة في صفوف علماء الإسلام السنة. إن المأزق الذي وقع فيه العلماء في مؤتمر الخلافة عام 1916 كان ولا يزال سبباً للقلق الحقيقي. فقد احتجوا عام 1916 على إلغاء الخلافة العثمانية التي كانت في الواقع سلالة ملكية حاكمة .وكانوا في عام 1916 عاجزين تماماً، حتى على مستوى التحليل النظري، عن استبدال النظام اللاإسلامي المتمثل بالسلالة الملكية الحاكمة بالنظام العام الذي يتوافق مع متطلبات الدين . فالآية القرآنية الأساسية التي تخص آليات القيادة في النموذج الإسلامي تبين أن على المسلمين القيام بشؤونهم على أساس التشاور المشترك وأمرهم شورى بينهم الشورى 12 لقد كان المعنى الأساسي لهذه الآية هي أن تنصيب القائد وعزله واستبداله بغيره في المجتمع الإسلامي وهذه الأمور هي الأهم من بين الشؤون المشتركة للمؤمنين لا بد أن يتم من خلال عملية شورى مشتركة بين جميع المؤمنين. وعندما اعترف العلماء 96 بحق الخليفة السابق في تعيين من يخلفه أو بصحة منصب الخليفة المكتسب بالتغلبّ فقد وقعوا في تناقض واضح مع القرآن، فالمؤمنون قد حُرموا حقاً أعُطوه من الله نفسه. والمؤمنون بالتأكيد قد أصابهم بالغ الضرر خلال تاريخ الأمة بأسره تقريباً. فقد كانوا يسُتدعون لأداء الواجب الديني المتمثل بالبيعة وأرواحهم على المحك، للمصادقة على تعيين قيادة لم يكن لهم أي دور في صنعها. إذ كان من الجلي أن رفض المصادقة كان يعد عصيان اً، والذي بدوره يشكل تهديداً واضحاً للخليفة الحالي الذي كان يطمح فقط في إعطاء الشرعية لحكمه .99 لقد كان جواب اللجنة الثانية على السؤال كيف يتم عقد الخلافة؟ ناقصاً من ناحية أخرى. فالطريقة الأولى والثالثة التعيين والتغلبّ كانت كما أسلفنا معارضة لصريح القرآن ولا يوجد ما يساندها في نموذج الرسول والخلفاء الراشدين. بل حتى فيما يتعلق بالطريقة الثانية، أي اختيار الناس ، فإن اللجنة الثانية فشلت في تبيين الآلية التي كان من الممكن استخدامها في عام 1916 لغرض تطبيق هذه الطريقة. وفي النهاية فلنا أن نلاحظ مجدداً أن مداولات اللجنة الثانية قد أظهرت بوضوح أن علماء الأزهر، الذين يبدو أنهم لم يدرسوا الفكر المعاصر، كانوا في الواقع غافلين عن الطبيعة الحقيقية لنظام الدولة الحديثة الذي كان على وشك أن يفُرض على العالم الإسلامي ويفتن وعي المسلم السياسي ويحبسه. اللجنة الثالثة لقد كانت اللجنة الثالثة صريحة إلى حد بعيد وواقعية في مداولاتها فاستنتجت بشجاعة في تقريرها ما يلي ... إن الخلافة ... لا يمكن تحققها في الوقت الحاضر نظراً للوضع الذي عليه المسلمون الآن. 99 وكانت أسباب ذلك هي ... ففي المقام الأول لم تظهر حتى الآن جماعة من الثقات تكون مسئولة شرعاً عن إعطاء البيعة . 91 إن اللجنة الثالثة اعترفت هنا إن الآلية التقليدية أهل الحل والعقد ، والتي من المفترض أن تسُتخدم لتقرير خيار الشعب، كان تطبيقها متعذراً عام 1916. وكانت اللجنة لتبدو أكثر صراحة لو أنها ذكرت أيضاً أن هذه الآلية لم تطبق في الحقيقة بشكل صحيح في التاريخ الإسلامي. ومع هذا فقد كانت صريحة بما يكفي لتعترف بـالتالي .. فإن الخلافة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بالمعنى الحقيقي للكلمة وجدت فقط في الصدر الأول من الإسلام .91 وقد لاحظت اللجنة أن المؤتمر حاول أن يجمع الممثلين عن كل الشعوب الإسلامية في القاهرة وأن يدرس إمكانية توليتهم مهمة اختيار خليفة جديد .لكن اللجنة لفتت الانتباه إلى أن المؤتمر لم يمثل كل العالم الإسلامي حيث إن الكثير من الشرائح المهمة في المجتمع الإسلامي العالمي لم ترسل ممثليها. وينبغي أن نلاحظ أن هذا الإعلان يفهم منه ضمناً أن المؤتمر لو استقطب ممثلين من كل الشعوب الإسلامية، لتمكن من اختيار خليفة. ولكان ذلك، بصرف النظر عن حقيقة كونه انتخاباً، الأول من نوعه في التاريخ الإسلامي كله . ولكن ربما كان الأمر الأكثر إثارة من بين كل الأسباب التي قدمتها اللجنة الثالثة لتفسير استحالة تحقيق الخلافة في ذلك الوقت بالتحديد متمثلاً في الحقيقة بما يلي ... إن الخليفة، إذا ما نصُب، لن يكون بمقدوره أن ينجز واجبه الأساسي في ممارسة النفوذ الفعلي على دار الإسلام. فالكثير من أجزاء دار الإسلام كانت تحت السيطرة الأجنبية. والقلة القليلة الباقية، التي كانت تتمتع بالحرية والاستقلال، كانت مشحونة بالنزعة القومية التي تأبى على إحدى الجماعات أن تقبل قيادة جماعة أخرى، ناهيك عن السماح لها بالتدخل في شؤونها العامة .91 ويبدو أن اللجنة الثالثة لم تكن واعية حتى لحقيقة أن المفهوم السياسي لدار الإسلام كان نفسه متعرضاً لهجوم شرس يشنه الفكر السياسي العلماني الغربي، وكان على وشك أن ينتقل إلى عالم النسيان. بل إن الأمر الأغرب كان حقيقة أن تسمى أجزاء من العالم الإسلامي التي كانت تحت الاحتلال الأجنبي بدار الإسلام. فهي ما دامت تحت السيطرة الأجنبية لم تعد تشكل جزءً من دار الإسلام لأن التعريف الأساسي لدار الإسلام يتطلب أن تكون أرضاً حيث السلطة الكبرى لله هي الغالبة على المؤمنين . ثانياً، إذا لم يستطع خليفة معين من بسط نفوذه الفعال على باقي العالم المسلم الحر فهذا بالتأكيد لم يكن بالشيء الجديد في الإسلام. وهذا لم يمنع الخلافة من العمل لأكثر من ألف وثلاثمائة سنة. إن الحقيقة التي كان على اللجنة الثالثة أن تبينها هي أن مدن مكة والمدينة كانت تحت السيطرة السعودية الدينية، ونتيجة لذلك فان أي خليفة يتم تعيينه سيعاني من مسؤوليات لا تحصى تتمثل في عدم قدرته على بسط نفوذه على الحرمين. وفي الوقت الذي لم يكن ثمة خليفة وكانت المؤسسة نفسها متعرضة للهجوم، وبشكل أكثر منه في الأوقات الاعتيادية، فقد كان من الواجب على أي رجل يتم تعيينه للمنصب أن يفرض سيطرته على الحرمين ومن ثم على الحج. ولقد كان هذا في الواقع أساس مسعى الشريف حسين في ادعاء الخلافة لنفسه. إن الحاكم السعودي الديني الذي بسط نفوذه على الحرمين قد أعطى مثالاً واضحاً عن حقيقة كونه قوة تؤخذ بعين الاعتبار فضلاً عن عدم كونه مهتماً بالخلافة أصلاً. وهنا تكمن أهم المآزق التي واجهت مؤتمر الخلافة. وما كان على اللجنة أن تفعله، وهي لم تفعله، هو أن تخلص إلى الاستنتاج اليسير الذي يقول بعدم إمكانية تعيين خليفة يحظى باعتراف المسلمين طالما أن الغرب قد سيطر على الحرمين وعلى الحج. وسيستمر الغرب في ممارسة هذه السيطرة السياسية ما دام الدينيون مسيطرين على الحرمين. وبالتالي فان الواجب الحتمي في تلك الساعة كان إيجاد الطرق والوسائل لمقارعة الدبلوماسية البريطانية في شبه الجزيرة وإنهاء السيطرة السعودية البريطانية على الحرمين واستعادة السيطرة على الحرمين وعلى الأمة. إن التقرير الذي قدمته اللجنة الثالثة قد ناشد المؤتمر أن لا تثبط عزيمته بسبب عدم النجاح في حل مشكلة الخلافة وفي تعيين خليفة جديد يكفي المؤتمر أن يعلم أنه قد قدم خدمة جليلة للمسلمين في تحديد الداء وتسمية الدواء لهم .97 وكان هذا الدواء متمثلاً في التوصية التالية ... أن تتضافر الشعوب الإسلامية على تنظيم عقد مؤتمرات بالتوالي في البلاد الإسلامية المختلفة لتبادل الآراء بين أعضائها من وقت إلى آخر حتى يتيسر لهم مع الزمن تقرير أمر الخلافة على وجه يتفق مع مصلحة المسلمين . 92 قرارات المؤتمر إن المؤتمر قد أصابه الذعر بسبب التشاؤم الذي ملأ تقرير اللجنة الثالثة. حتى إن الشيخ الظواهري أطلق عليه تأبين الإسلام . أما الوفود التي قامت مسبقاً بفتح المؤتمر للعموم وللصحافة فقد قرروا الآن إخفاء فقرة من فقرات التقرير عن الصحافة. 99 أما الشيخ الظواهري، والذي قاد المعارضة ضد تقرير اللجنة الثالثة، فقد قدم مسودة قرار تبناه المؤتمر .91 وقد أكد القرار على أن الخلافة يمكن تحقيقها . ويجب عقد مؤتمر آخر تكون فيه كل الشعوب الإسلامية ممثلة بصورة كافية وسوف يتخذ ذلك المؤتمر الإجراءات اللازمة لتأسيس الخلافة التي تتوفر فيها كل الشروط التي حددتها الشريعة. وباختصار، فان مؤتمر اً كهذا سوف ينتخب خليفة جديداً. وعلى هذه الملاحظة المتفائلة اختتم المؤتمر. أما اللجنة الثالثة، والتي رفضها المؤتمر، فقد وجدت أن شكوكها قد تحققت في النهاية إذ إن المؤتمر المقترح، والذي كان من المفترض أن ينتخب خليفة جديداً، لم ينعقد أصلاً. وكان العالم الإسلامي في الواقع داخلاً في مرحلة ما بعد الخلافة من وجوده. والسبب الرئيسي لهذا كان الحكم السعودي الديني على الحجاز والحرمين، ومن ثم تأسيس الدولة القومية السعودية الدينية المتمثلة بالعربية السعودية كدولة عميلة للغرب الملحد. وحالما هدأت الأوضاع المتعلقة بمبادرة الأزهر في الرد على إلغاء الخلافة العثمانية، كان من الواضح أن الإستراتيجية العدائية لبريطانيا وصهاينة اليهود قد تمخضت عن إنجاز استثنائي، ألا وهو إسلام ما بعد الخلافة!

الفصل الرابع البديل السعودي الديني المخادع للخلافة

مؤتمر العالم الإسلامي في مكة في حزيران تموز من عام 1291 إن مؤتمر العالم الإسلامي، والذي عقد في مكة في شهر تموز من عام 1916، قد بدأ نشأته في جزيرة العرب على أثر إلغاء الخلافة العثمانية وبالتحديد في بيت آل سعود الذي بسط نفوذه حديثاً على الجزيرة. فقد استعاد عبد العزيز بن سعود أرض نجد بعد سلسلة صراعاته التي بدأت بسيطرته على الرياض عام 6919. وإذ إن اللبنة السياسية لحكم آل سعود قد بنيت على الأسس الدينية للحركة الدينية فقد كان من المحتم لنجد الدينية أن تتحدى الحجاز كلما سنحت الفرصة من أجل إخضاع قلب الإسلام بالقوة لـ المفهوم الديني للإيمان الحقيقي . وقد لاحت الفرصة حين انتزع الشريف حسين شريف مكة الذي عينه العثمانيون والذي كان يعمل بانسجام مع إستراتيجية قوى الحلفاء في الحرب العالمية الأولى الحجاز من أيدي العثمانيين الأتراك عام 6961 وبسط عليها نفوذ البيت الهاشمي للحسين. وهو بفعله هذا قد منع الدينيين من أداء الحج . وبصرف النظر عن الصراع العقائدي مع الدينيين الذي استخدمه لتبرير هذا المنع، فقد كان واعياً لحقيقة أن نجداً الدينية تمثل أقوى تهديد لحكمه على الحجاز. وقد دخل كل من حسين وابن سعود في تحالف مع البريطانيين خلال الحرب، لذا فلم يكن ابن سعود ليحاول أن يأخذ الحجاز ما دامت الحرب مستمرة. وحتى بعد انتهاء الحرب فقد كان من الحكمة أن يتريث ليرى ما هي الخطوات التي سيتخذها الخليفة في اسطنبول لاستعادة السيطرة على الحجاز. وما كان إلا أن ألغيت الخلافة حتى حان الوقت أخيراً ليتحرك ابن سعود ضد حسين. وكان حسين بالطبع مدركاً تماماً لذلك، ولم يكن ثمة جدوى في محاولة حشد دعم العالم الإسلامي ليقوي جانبه ضد ابن سعود فقد نادى بالخلافة لنفسه في 7 آذار من عام 1916 أي بعد مرور أربعة أيام على إلغاء الخلافة العثمانية. لقد أصبحت سنة 1916 أكثر سنة للحوادث في تاريخ الإسلام .فقد رد ابن سعود على إعلان خلافة حسين بالهجوم على الحجاز. واحتلت القوات النجدية لابن سعود مدينة الطائف في 1 أيلول من عام 1916 واحتلت مكة في 69 كانون الثاني من عام 1916 أما جدة فقد تم الاستيلاء عليها وذهب الخليفة و ملك العرب المنحوس إلى المنفى. ولم يكن من المفاجئ أن يجد أعيان مكة أن من الملائم أن ينادوا بابن سعود ملكاً على الحجاز. وبدأت جزيرة العرب، التي أضحت موحدة تحت الحكم السعودي الديني، وعلى الفور تقريباً في تأكيد دعواها في قيادة الأمة، وعرضت ، خلال هذه المسيرة، طريقاً بديلا ً للوحدة الإسلامية سوى الخلافة، ألا وهو طريق التضامن الإسلامي الإقليمي داخل نظام للدول القومية الإسلامية ذات السيادة. لقد كان جميع حكام الحجاز السعوديين الدينيين مدركين بشكل جيد أن العالم الإسلامي لن يقبل قيادة وهابية. لذا فقد كانت الخلافة السعودية الدينية أمراً مستحيلاً. ومن ناحية أخرى فإذا ما اجتمع المسلمون ونصبوا خليفة فان ذلك سيكون أمراً ينطوي على خطر فعلي كبير على الحكم السعودي الديني على الحجاز. وقد ينتج عنه تكرر التجربة الكارثية التي حدثت قبل أكثر من قرن حينما تم طرد الدينيين خارج الحجاز على يد جيش أرسل من مصر . ونتيجة للتهديد الوشيك الذي فرضه مؤتمر الخلافة المنعقد في القاهرة في شهر أيار من عام 1916، فقد بدأ السعوديون في البحث عن مؤسسة وميدان سياسي بديل للخلافة. وقد وجدوا ضالتهم في نظام الدول القومية الإسلامية و نظام التضامن والتعاون الإسلامي العالمي .96 إن أسس النظام الجديد كانت قد وضعت مسبقاً، وبشكل ملائم فعلاً للسعوديين الدينيين، مع تأسيس جمهورية تركيا على يد مصطفى كمال في مركز الخلافة نفسه. ولم يلقوا بالاً لكون نظام الدول القومية والذي كان الابتكار السياسي للغرب العلماني، والذي شكل حجر الأساس لنموذج المجتمع العلماني الجديد متعارضاً بشكل واضح مع الأحكام الشرعية للنظام الإسلامي العام .فما كان مهماً بالنسبة لهم هو أن نظام الدول القومية الإسلامي سيضع الحكم السعودي الديني على الحجاز في موقع حصين من الناحية العملية. إن الدولة الدينية التي رفعت أعظم الاعتراضات على البدعة أصبحت الآن، بنفسها، تقترح أعظم البدع على الإطلاق في تاريخ الأمة! وبناء على ذلك فإن الإستراتيجية السعودية الدينية تمثلت بتنظيم مؤتمر منافس لمؤتمر الخلافة الذي عقد في حزيران من عام 1916. وقد أطلقوا على مؤتمرهم اسم مؤتمر العالم الإسلامي وعقدوه في مكة في شهر تموز من عام 1916 في موسم الحج. وبالنظر إلى طبيعة وسائل النقل المتوفرة في عام 1916 فقد كان من الصعوبة بمكان على الوفود أن يحضروا المؤتمرين كليهما. وهكذا كان السعوديون يقومون بمبادرة سياسية محسوبة وماكرة ترغم العالم الإسلامي على اختيار حضور أحد المؤتمرين فقط. لقد كان الغرض الوحيد للمؤتمر الذي أشرف عليه السعوديون هو تعليق النظام الإسلامي العام التقليدي وإدخال نظام الدول القومية الإسلامية. ففي هيكلية النظام الإقليمي الإسلامي الجديد سيسعى السعوديون الدينيون إلى كسب الاعتراف بحكمهم على الحجاز . إلا إن الأعمال التحضيرية للمؤتمر أظهرت أن القائد السعودي قد أبرز نفسه بمكر لجميع المدعوين على أنه بطل الإسلام وتعهد باستعادة الإسلام الأصلي إلى جزيرة العرب. لقد كان الدينيون، كما لاحظنا مسبقاً، يدركون أن العالم الإسلامي لن يقبل بخليفة وهابي. ولكن قبل ذلك بزمن طويل كان محمد بن عبد الوهاب نفسه قد تأثر بآراء ذلك المفكر الإسلامي الحاذق الإمام بن تيمية. وكانت وجهة نظرهم تتمثل في إن الخلافة الأصلية، وبسبب أنها لم تؤسس بشكل صحيح، قد عملت كأداة لتفريق الأمة. وبناءً على ذلك، فلا يمكن أن تكون الخلافة رمز وأساس وحدة الأمة. فهذا الدور لا بد أن يعطى للشريعة. ولذلك، فقد بدا من الطبيعي أن تبقى نجد والحجاز الدينيتان بمعزل عن مؤتمر الخلافة في القاهرة . وبسبب المكانة الإستراتيجية التي احتلتها نجد والحجاز من حيث سيطرتها التي اكتسبتها حديثاً على قلب الإسلام، فقد كان من المتوقع أن تنتهز القيادة السعودية الدينية الفرصة التي توفرت بسبب إلغاء الخلافة العثمانية وهزيمة الخلافة الشريفية قصيرة الأمد، ليقودوا الأمة قدماً في مسيرة جديدة للوحدة. 99 إن حقيقة التاريخ الذي حدده ابن سعود لعقد مؤتمر العالم الإسلامي في حزيران تموز من عام 1916 أي بعد شهر واحد من عقد مؤتمر الخلافة في القاهرة كان يعني بوضوح أن هذا المؤتمر قد نظُم ليكون بديلاً لمؤتمر الخلافة. وعلاوة على ذلك فقد كان هناك سبب آخر لقرار عقد مؤتمر العالم الإسلامي في مكة. فقد أراد ابن سعود اعترافاً إسلاميا عالمياً بسلطته على الأرض المقدسة. وكان هذا أمراً بالغ الأهمية بالنسبة للوهابيين إذ كانت هنالك اختلافات دينية كبيرة بينهم وبين بقية العالم الإسلامي. وكان أحد هذه الاختلافات حقيقة أن الدينيين قد اتبعوا المذهب الحنبلي في الفقه وكانوا أقلية صغيرة في عالم إسلامي هيمن عليه أتباع المذهب الحنفي والشافعي والمالكي .99 وعندما كسب الدينيون في القرن الثامن عشر سيطرة قصيرة الأمد على الأرض المقدسة ارتكبوا بتعصبهم الأعمى حمامات دم شنيعة. وكان هنالك غضب وكراهية لهم منتشرة بشكل واسع في العالم الإسلامي وتمكن جيش مصري أرُسل إلى الحجاز من هزيمتهم وطردهم إلى الصحراء. لذا فقد أراد الدينيون في المرة الثانية ضمان أن العالم الإسلامي سيعترف بحكمهم على الأرض المقدسة .91 وكان هذا هو الهدف الأساسي الثاني من وراء عقد مؤتمر العالم الإسلامي. وفود المؤتمر إن مؤتمر العالم الإسلامي الذي عقد في مكة في شهر حزيران من عام 1916 كثمرة لجهود ابن سعود قد لقي ترحيباً كبيراً لكونه أول اجتماع من نوعه في تاريخ الإسلام. حتى إن ابن سعود نفسه أشار إلى ذلك في خطبته الافتتاحية قائلاً لعل اجتماعكم هذا، في شكله وموضوعه، أول اجتماع في تاريخ الإسلام. 55 وقد كان المقصود من المؤتمر منذ البداية أن يكون منظمة دائمية ونسأله تعالى أن يكون هذا المؤتمر سنة حسنة، تتكرر في كل عام في موسم الحج . 53 وخلافاً لمؤتمر الخلافة في القاهرة فان مؤتمر مكة قد استقطب تجمعاً تمثيلي اً إضافة إلى التمثيل عالي المستوى. فقد كانت كل المجتمعات الإسلامية المهمة وكل الدول الإسلامية المستقلة ممثلة ما عدا إيران . فمن شبه القارة الآسيوية الجنوبية جاء ممثلون على أعلى مستوى عن كل المنظمات الإسلامية المهمة. فعلى سبيل المثال ترأس السيد سليمان الندوي الوفد الممثل لجمعية الخلافة الهندية .53 أما أعضاء الوفد الثلاثة الآخرين فقد كانوا الملا محمد علي جوهر وأخاه الملا شوكت علي وصهره شعيب قرشي. وكان ثمة وفد ترأسه السيد محمد كفاية الله يمثل جمعية العلماء الهندية ووفد آخر ترأسه الشيخ ثناء الله يمثل جمعية أهل الحديث الهندية. وترأس مفتي فلسطين العام السيد أمين الحسيني وفد فلسطين، وترأس اللواء غلام جيلاني خان وفد الأفغان وترأس أديب سارويت الوفد التركي وترأس الشيخ الظواهري الوفد المصري وترأس رياض الدين فخر الدين وفد مسلمي روسيا. وكان بمرافقة فخر الدين على ذلك الوفد وفود من أوفا وأستراكان وكريميا وسيبيريا وتركستان. وجاءت وفود أيضاً من جاوة وسوريا والسودان ونجد والحجاز واليمن ...الخ. وقد دُعُي بعض الأفراد بصورة خاصة إلى المؤتمر. وكان من بينهم الشيخ رشيد رضا العالم السوري الشهير الذي كان تلميذاً للشيخ محمد عبده وسردار إقبال علي شاه العالم الأفغاني المستقر في لندن الذي كتب سلسلة من المقالات عن المؤتمر لتنشر في بريطانيا .53 وكان الغائبون المهمون عن المؤتمر هم إيران والصين والحركة السنوسية في ليبيا وبقية دول المغرب. وقد اختلف تكوين مؤتمري القاهرة ومكة في أمر مهم آخر. ففي الوقت الذي لم تكن أي من الوفود التي حضرت مؤتمر القاهرة رسمية، بل كانت جميعها مشاركة بصفتها الشخصية، لم يكن الأمر كذلك في مؤتمر مكة. فبالنسبة لهذا الأخير أرسلت الدول والمنظمات الإسلامية وفوداً رسمية، وهي بفعلها هذا قد أعطت أفضلية لاجتماع مكة وللمسيرة الجديدة للوحدة. وهنا يكمن تفسير سهل ولكنه أساسي لمنظمة العالم الإسلامي المعاصر كنظام للدول القومية، بمعنى إن الجماهير الإسلامية مالت إليه من دون تمحيص لسببين • الوضع القاتم الذي كان يواجه العالم الإسلامي آنذاك، • لأن العلماء لم يستطيعوا أن يوضحوا بصورة فاعلة أسس النظام الإسلامي العام دار الإسلام فضلاً عن المفهوم الإسلامي للنظام العالمي الذي تقام فيه دار الإسلام. الملك عبدالعزيز والمؤتمر لقد تسلم المؤتمر رسالتين من الملك عبد العزيز بن سعود. وفي الرسالة الأولى، والتي كانت الخطبة الافتتاحية للمؤتمر، أشار الملك إلى التاريخ المؤسف للحجاز انتهاءً بطغيان حسين الذي كان من بين خطاياه أن وضع الحجاز تحت النفوذ الأجنبي الكافر . 53 وبما أنه أمر قد حرمه النبي، فقد أعُطي النجديون مبرراً لغزو الحجاز. ونتيجة لذلك الغزو، وهو أمر كان الملك مسروراً ليبينه، لم يكن ثمة أمان في الحجاز. وقد دُعُي المؤتمر لعقد جلساته في ذلك الجو من الأمن والحرية الكاملة. والتحفظ الوحيد في المؤتمر كان التحفظ حيال الشريعة الإسلامية و عدم التدخل في السياسات العالمية أو في الخلافات التي تفصل مسلمين معينين عن حكوماتهم .04 ومع هذا فلم يكن ابن سعود صادقاً في خطابه الافتتاحي ما دام مذنباً حاله حال حسين في تواطئه في مساندة التغلغل البريطاني في شبه الجزيرة. ويلاحظ على خطاب الملك أمران. الأول إن القيادة الدينية كانت تبرز أفضل وجوهها لتتملق دعم المؤتمر، ومن ثم الحصول على الأمن و الحرية الكاملة الموعودة. ولكن الأمر الثاني وهو الأهم هو إن منع الكلام عن السياسات العالمية في مناقشات المؤتمر أوحتى بوضوح أن أمن الدولة السعودية الدينية والمحافظة على علاقاتها مع حلفائها وعلى الخصوص بريطانيا كان لهما الأولوية على الآراء المعتبرة للأمة حتى حينما تطرح تلك الآراء خلال عملية الشورى في مؤتمر إسلامي غير مسبوق في تاريخ الإسلام. وقد عهد الملك إلى المؤتمر بالمهمة الآمنة التي تمثلت في النظر في الطرق والوسائل الضرورية لجعل الأماكن المقدسة أفضل مراكز الثقافة والتعليم الإسلامي، وأحسن المناطق من حيث الرفاهية والصحة، ولجعلها الدولة الإسلامية الأكثر بروزاً بسبب اهتمامها الخاص بالإسلام. 04 لقد كان من الواضح جداً في هذا الخطاب أن الملك كان يحاول أن يدس في المؤتمر تفريقاً مصطنعاً بين الدين و السياسة ، و نظرية جديدة تعطي انطباعاً عن إن الموضوع الذي يستحق دراسة المؤتمر الإسلامي كان موضوع الدين و الشؤون الدينية . وكان هذا في الواقع بدعة ذات طبيعة مقيتة بالفعل نظراً لكونها في تعارض واضح مع التعاليم القرآنية والسنة النبوية والقواعد الأساسية للتراث الإسلامي. وكان الملك في الحقيقة يحاول تحويل الإسلام الذي كان الدين إلى ديانة بالمعنى الضيق والمشوه الذي كان يستخدم في الحضارة الغربية العلمانية. وفي الثاني من تموز من عام 4393 وبمناسبة الجلسة 45 بكامل الأعضاء، وجه الملك رسالة ثانية للمؤتمر، سعى من خلالها إلى تحقيق أحد الأهداف الرئيسية للمبادرة الدينية، وهو الحصول على الاعتراف والقبول الإسلامي العالمي بالسيطرة السعودية الدينية على الحجاز. وقد أسهب الملك في شرح سياسته على الحجاز كما يلي 4 نحن لا نسمح بأي تدخل أجنبي في هذه البلاد المقدسة مهما كانت طبيعة هذا التدخل. 9 نحن لا نسمح بأي امتيازات تكون ممنوحة للبعض وممنوعة عن الآخرين، فأي شيء يحصل في هذه البلاد لا بد أن يكون متوافقاً مع الشريعة. 5 لابد أن يكون للحجاز نظام حكم محايد خاص. ويجب ألا يشن حرباً ولا يعُتدى عليه، وعلى جميع الدول الإسلامية المستقلة أن تضمن هذه الحيادية. 0 هنالك حاجة للنظر في مسألة المساعدات المالية التي ترد إلى الحجاز من العديد من الدول الإسلامية، وفي طريقة توزيعها و الحاجة إلى ضمان استفادة الأماكن المقدسة منها .09 وما كان يحاول الملك أن يفعله في خطابه هذا لم يكن سوى عرض لنظرية إسلامية سياسية جديدة. وبدا وكأن السعوديين الدينيين كانوا مقتنعين بأنهم هم المسلمون الوحيدون، ومن ثم فان الحجاز ونجد ،والتي كانت تحت سيطرتهم، كانت دار الإسلام الحقيقية. لذا فان كل الأراضي خارج نجد والحجاز أو العربية السعودية المعاصرة كانت أجنبية . وعندما تكلم الملك عن الحاجة إلى منع أي تدخل أجنبي في الحجاز، فانه كان يشير بوجه خاص إلى صورة ذلك التدخل الذي طرد الدينيين من الحجاز قبل أكثر من قرن من الزمن. وفي إشارته إلى أن العالم الإسلامي برمته يعد أجنبياً ، فان الملك كان قريباً جداً من ارتكاب عمل كفري . وكانت النقطة الثانية بالطبع مثيرة للإعجاب، ألا وهي تطبيق أوامر الشريعة من دون تمييز بين أحد. ولكن النقطة الثانية لم تكن متوافقة مع النقطة الأولى. فالعالم الإسلامي قد أعُطي منزلة الأجانب الذين لن يكونوا بالطبع مؤهلين لكل الامتيازات المفتوحة للسعوديين الدينيين. فالأجانب، على سبيل المثال، لا بد لهم من الحصول على تأشيرة لدخول الحجاز حتى ولو كانوا يؤدون فريضة الحج. أما السعوديون الدينيون فلن يحتاجوا إلى التأشيرة ما داموا مواطنين لدولة العربية السعودية المولودة حديثاً ولذلك فان الحجاز ملك لهم. والمسلمون غير السعوديون قد يتعرضون للسجن الآن إذا ما امتدت فترة بقائهم في الحجاز بعد انتهاء زمن تأشيرتهم، لأنهم الآن أجانب والحجاز، الذي لم يعد دار الإسلام ،ليس ملكاً لهم. ويستطيع السعوديون الدينيون البقاء ما شاءوا في الحجاز ما دام الحجاز الآن ملكاً لهم. إن بن سعود في الحقيقة قد فكك دار الإسلام التي بناها النبي بنفسه وصحابته في الحجاز، وجرد العالم الإسلامي من ملكيته لقلب الإسلام، وأهان المسلمين، وقدُر له أن يجد طريقة للهروب بهذا التصرف المتهور لأكثر من ستة عقود. وقد كانت النقطة الثالثة في خطاب بن سعود جديرة بالملاحظة نوعاً ما. ولم يكن ثمة أدنى شك في كون التعبير بدعة واضحة. فليس هناك لا في القرآن ولا في سنة النبي ولا في التراث الإسلامي بأسره مفهوم حيادية الحجاز. إن القول بأن الحجاز لا يجب أن يقوم بالحرب هو بالتأكيد مساو لعزل قلب الإسلام عن الجهاد، وبالتالي يكون متعارضاً بصورة واضحة مع صريح القرآن. وكان بن سعود هنا مرة أخرى يمشي في طريق الكفار. وفي ما يتعلق بطلب بن سعود أن على جميع الدول الإسلامية المستقلة أن تعترف بـ حيادية نظام حكمه، فقد كان جلياً أن ذلك الطلب كان بالكاد محاولة متنكرة لكسب اعتراف العالم الإسلامي بالسيطرة السعودية الدينية على الحجاز. وقد رد المؤتمر على خطاب بن سعود بالاستغلال الذكي للحرية التي منحها بن سعود. فقد تكلم الوفود بحرية وصراحة ولم يكن ثمة شيء، حسبما بينت قراءة التقرير النهائي للمؤتمر، يشير إلى أمر مدبر من النظام. وبالتأكيد فان وفود الحجاز قد وجدت نفسها في بعض الأحيان مهزومة. 05 وقد بقي المؤتمر بصورة عامة ضمن الحدود التي فرضت عليه بعدم الخوض في السياسات العالمية. لذا فان مسألة الخلافة لم تناقش أبداً. وكان هذا نصراً كبيراً لمنهج وحدة المسلمين الجديد. وعلى الرغم من ذلك فان المؤتمر تدخل في السياسة حينما أقر قراراً 00 يطالب بعودة معن والعقبة إلى السيطرة الحجازية حيث إن ضم بريطانيا هذه الأراضي إلى إمارة شرق الأردن والتي كانت تحت الانتداب البريطاني يتعارض مع ما ادعاه رشيد رضا في إن النبي قد أمر أن تكون جزيرة العرب خالية من أي نفوذ غير إسلامي . 05 وحينما أدخل ابن سعود السياسات الدولية بنفسه إلى المؤتمر مع عرض سياساته على الحجاز، ناقش المؤتمر القضية بشكل مطول ثم أظهر حكمته وأمانته وإخلاصه للإسلام الحقيقي برفضه الاعتراف الذي كان الملك يسعى إليه. وقرر المؤتمر ببساطة أن يسجل تصريح الملك. وربما كان هذا هو القرار الأهم الذي تتخذه هيئة تمثيلية للأمة خلال الستين سنة الماضية. وكان ذلك بكل تأكيد ضربة مريرة لابن سعود والذي نتج عنه بقاء المؤتمر خاملا ً للعشرين سنة القادمة وما كان لينعقد ثانية في مكة برغم إن الاتفاق كان أن ينعقد المؤتمر سنوي اً هناك في موسم الحج. ومع ذلك فقد وجد المؤتمر، فيما يتعلق بالمشكلة الأخرى، أن من الحصافة أن يرضخ لرغبات مضيفه . فقد لفت ابن سعود انتباه المؤتمر، بصفته أحد رؤوس الدولة المسلمين، إلى إنه على الرغم من كون جميع المسلمين أحراراً في ممارسة العبادة في الأرض المقدسة حسب أحكام مدارسهم الفقهية الخاصة ،إلا إن الإدارة الدينية لن تتسامح مع أي تصرف يتعارض مع الشريعة. وقد أثارت هذه القضية أحد أسخن الحوارات في المؤتمر. إلا إن الشيخ الظواهري أنقذ الموقف بتقديمه مسودة قرار تسوية يلتزم بحريات طقوس العبادة الملحة، إلا إنه لم يدخل في النطاق الخلافي المتمثل بإعادة بناء قبور صحابة النبي التي دمرها الدينيون ..الخ. لقد ضربت هذه القضية الدينيين في الصميم وعلى الرغم من إنها لم يتح لها المجال لتتطور وتصبح أزمة، إلا إن الوفود مع ما كانت تبديه من أعلى درجات التعقل في عدم الضغط الشديد على ابن سعود لم يمنع الموفدين الهنود من مغادرة المؤتمر بمشاعر مريرة. وهذا يبين لنا، جزئيا ً، سبب عدم انعقاد المؤتمر في مكة مرة أخرى، رغم الاتفاق على ذلك مسبقاً. وفي الحقيقة كان القائد الهندي المسلم الملا شوكت علي، هو الذي لعب الدور الأهم في تنظيم المؤتمر الثالث الإسلامي العام في عام 4354 بعد المؤتمرين عام 4393. ولم يبد أي تردد من أي نوع في تجنب مكة والقبول بالقدس كمكان لانعقاده. وكانت بعض منجزات مؤتمر مكة وأكثرها فائدة تتعلق بتحسين ظروف الحج من طرق النقل وعلى الخصوص سكة حديد الحجاز والمؤسسات الصحية وتوفر الطعام والشراب والحماية من الاستغلال .. الخ .فقد كانت تلك أموراً تؤثر على الحجاج كل سنة وقد تداول المؤتمر في هذه الأمور بشكل مطول وتبنى الكثير من القرارات المفيدة. الفصل الخامس العالم الإسلامي القديم محاولة أخيرة للنهضة المؤتمر الإسلامي العام في القدس في كانون الأول من عام 1391 على مر خمس سنوات طوال بعد مؤتمري عام 4393، لم يكن ثمة محاولة جماعية بارزة من العالم الإسلامي للرد على انهيار الخلافة أو على التغيرات الجسيمة والخطيرة التي كانت تعصف بذلك العالم . وقد كان آخر أمل لدار الإسلام المشرفة على الهلاك هو المؤتمر الإسلامي العام الذي عقد في القدس في كانون الأول من عام 4354 نتيجة لجهود هندية فلسطينية .03 وقد كان يحمل في كنفه الرغبة العارمة في استرجاع بعض مظاهر الشرف للنظام القديم المنهار الذي خلفه النبي. ولكنه لم يفلح في تحقيق أي شيء. فقد بدا إنه قد ولد ميتاً، مثله مثل مؤتمر القاهرة ومؤتمر مكة. أما بالنسبة للمفتي العام للقدس، الحاج أمين الحسيني، فقد كان التغلغل الصهيوني الخطير في فلسطين المسلمة ما بين عام 1933 و 1954 يشكل تهديداً على الإسلام. وهذا التهديد لا يمكن أن يجابه إلا بالعالم الإسلامي الموحد. وقد كانت درجة البساطة والسذاجة والبراءة التي تحلى بها الفكر الإسلامي المعاصر آنذاك تمك نهّ أن يدعي أن مؤتمراً إسلامياً آخر يعقد في القدس، التي تحتلها بريطانيا، سيكون الطريق الأمثل لمواجهة التحدي. ولا بد من إن صلاح الدين الأيوبي قد تلوى في قبره بسبب ذلك. ويبدو برغم كل شيء إن عالم المعرفة الإسلامية قد غاب عن نظره العلاقة الوطيدة التي أسسها القرآن بين القوة و الحرية و الإيمان . وفي شهر آب من عام 1929 كان هنالك أعمال شغب بين المسلمين واليهود بخصوص حائط المبكى في القدس. وقد أرسلت عصبة الأمم لجنة للتحقيق في الأمر، وكانت النتائج التي توصلت إليها اللجنة هي إن المسلمين لديهم حق الملكية لحائط المبكى ولكن اليهود لديهم حق العبادة أمامه. ولم يكن هذا التقرير ساراً لا للمسلمين ولا لليهود و كان يمكن القول بأنه أدى بصورة غير مباشرة إلى المناداة بعقد مؤتمر إسلامي . وفي بدايات عام 1926 وبمناسبة دفن جثمان القائد الهندي المسلم الملا محمد علي جوهر 17 في باحة الحرم الشريف في القدس، تم التوصل إلى اتفاقية بين أخيه الملا شوكت علي وبين الحاج أمين الحسيني عن الحاجة لعقد مؤتمر. وتم الإعلان الرسمي عن اتفاقية عقد المؤتمر وعن تحديد تاريخ انعقاده في 1 أيلول من عام 1926 على لسان الملا شوكت علي في خطابه الذي ألقاه بعد صلاة الظهر في المسجد الأقصى في القدس. ويمكن أن يقال الآن إن المسلمين الهنود قد نالوا مكانة وقيادة ذات أهمية فريدة واستثنائية في العالم الإسلامي. تاريخ ومكان الانعقاد لقد عقد المؤتمر الإسلامي العام في القدس من السادس إلى السادس عشر من كانون الأول من عام 6996. وكان ذلك التاريخ يوافق السابع والعشرين من رجب إلى السابع من شعبان في التقويم الهجري . ولعلنا نلاحظ من دون تردد أن الإشارة إلى التقويم الهجري تعد أمراً مهماً شأنها شأن اختيار المسجد الأقصى كمكان لانعقاد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في السابع والعشرين من رجب .12 والآن، وفي الوقت الذي انعقد مؤتمر الخلافة في مصر المستقلة اسمياً، والتي كانت ضمن دائرة النفوذ البريطاني، وانعقد مؤتمر العالم الإسلامي في الحجاز المستقل اسمياً، والذي كان أيضاً تحت دائرة النفوذ البريطاني وبقوة، فان مؤتمر الأقصى الإسلامي كان سيعقد في منطقة تقع تحت حكم الانتداب البريطاني المباشر. ولم يكن للقدس حتى ورقة التوت لتخفي واقعها كأرض محتلة. حتى إن البعض سيدعي إن المناطق المحتلة ستكون واقعة تحت مسمى دار الحرب! ولعله كان المشهد الأغرب على الإطلاق أن يجتمع العالم الإسلامي في مؤتمر إسلامي عالمي على أرض محتلة لدراسة استرجاع النظام العام للشريعة. وفي هذا الصدد فقد كان المؤتمر الإسلامي العام في القدس فريداً من نوعه والأول من نوعه في التاريخ الإسلامي برمته. وهذا في الحقيقة قد عكس الوضع المحزن الذي صار إليه العالم الإسلامي .ولعل الحكومة البريطانية قد صعقت بكل هذا التغير. وبقدر ما يتعلق الأمر بالبريطانيين فان العالم الإسلامي سيعمد إلى إعلان ضعفه أمام الناس. حتى إن الحكومة البريطانية المبتهجة لم تكلف نفسها سوى بالإيعاز إلى مندوبها السامي أن يحذر الحاج أمين الحسيني بأن الحكومة لن تسمح بانعقاد أي مؤتمر قد يتناول قضايا من شأنها أن تؤثر على الشؤون الداخلية والخارجية للقوى الصديقة .19 ومن ناحية أخرى، فان الصحافة الصهيونية أعربت عن بالغ قلقها إزاء الدعوة إلى المؤتمر، متهمة الحكومة البريطانية بالسماح بانعقاد المؤتمر لأنها تريد المؤتمر بالفعل، لا بل إنها حثت عليه من أجل إرضاء مسلمي فلسطين والهند ومن أجل مقارعة الحركة الصهيونية .11 وعلى المرء أيضاً أن يأخذ بالحسبان الشعور القوي جداً الذي عبر عنه الكثيرون من أن المؤتمر سيعيد تنصيب عبد المجيد كخليفة على عرشه في القدس. إن مثل هذا التصرف قد يكون له أثر في زعزعة نظام أنكورا أنقرة الآن ، فضلاً عن إن وجود خليفة في القدس يكون تابعاً للنفوذ البريطاني سيكون أيضاً أمراً ترحب به بريطانيا العظمى وقد تستغله للحصول على أقصى المصالح .16 الوفود لقد انعقد المؤتمر في جو خال نوعاً ما من أية قيود، وباستثناء طرد الموفد المصري، عبد الرحمن عزام، بسبب انتقاده اللاذع للسياسة الايطالية في ليبيا، فان السلطات البريطانية في فلسطين لم تتدخل بأي شكل من الأشكال بالمؤتمر ولم تفرض أي قيود على الحضور. وقد جاءت وفود المؤتمر من إيران بعض علماء الشيعة والهند وكان من بين وفودها العالم والمفكر الإسلامي العظيم الدكتور محمد إقبال ويوغوسلافيا ومراكش والجزائر وتونس وليبيا وسوريا ونايجيريا. وعلى الرغم من إن الحكومة المصرية قررت أخيراً عدم إرسال أي وفد رسمي، فقد كانت هنالك وفود مصرية حاضرة لدعم الملك. وكان هنالك وفد يمثل حزب الوفد المصري يعارض تلك الوفود. وكان هنالك أيضاً تمثيل لعدة حركات إسلامية أخرى في مصر. كما وأرسلت حكومات كل من العراق وإمارة شرق الأردن وفوداً رسمية. أما العاهل السعودي، عبد العزيز ابن سعود، فقد كان متذبذباً في موقفه تجاه المؤتمر ولكنه قام أخيراً وبدهاء بإرسال ممثل لم يفلح في الوصول إلى القدس في الوقت المناسب ليشارك في المؤتمر. وقد رفضت تركيا وأفغانستان المشاركة في المؤتمر. ومقارنة بمؤتمر مكة في شهر تموز من عام 1916، فقد كان هنالك تدني حاد في عدد الوفود الحكومية الرسمية المشاركة في مؤتمر القدس . عمل المؤتمر إثر الافتتاح الرسمي للمؤتمر في المسجد الأقصى بعد صلاة المغرب في 1 كانون الأول 97 رجب ، 19 شكلت ثمان لجان لدراسة وتقرير الأمور التالية • النظام الداخلي للمؤتمر • منشورات وإصدارات المؤتمر • التمويل والتنظيم • ثقافة المسلم وجامعة الأقصى الإسلامية المقترحة • سكة حديد الحجاز • الأماكن المقدسة وحائط المبكى • المنشورات والتوجيهات الإسلامية • المقترحات المطروحة أمام المؤتمر وقد تبنى مؤتمر القدس، شأنه شأن مؤتمر مكة عام 1916، لائحة أو نظاماً داخلياً. وقد دعا نظام مؤتمر مكة إلى الاجتماعات السنوية في مكة. أما نظام مؤتمر القدس فقد دعا إلى اجتماعات نصف سنوية في القدس. وتم أيضاً تأسيس سكرتارية صغيرة في القدس تماماً كما حدث في مكة . وقد استمرت سكرتارية القدس بالعمل لسنوات قليلة ولكن المؤتمر نفسه لم يجتمع مجدداً أبداً. 19 وقد قرر المؤتمر إنشاء جامعة إسلامية في القدس. وقد اتخذ القرار على الرغم من الغيرة الكبيرة التي أثيرت من جامعة الأزهر والتي لم ترحب بإنشاء منافس لمركزها الفريد في عالم التعليم الإسلامي . 11 إلا إن الأمر الأهم الذي لفت انتباه المؤتمر كان، ومن دون شك، التهديد الصهيوني لفلسطين. وقد كان سلوك المؤتمر وتحركه تجاه هذا الموضوع المتقلب موضوعياً وواسع الأفق بشكل مدهش. وقد دعي رئيس الوكالة اليهودية سوكولو، لحضور المؤتمر لغرض توضيح وجهة النظر الصهيونية. ورُ فضت الدعوة التي وجهها شوكت علي .وبدورها سخرت الصهيونية المسلحة في الصحافة الصهيونية من المؤتمر واستخفت به. 11 وكان ثمة قسم آخر من الصهاينة، أكثر مسالمة من المجموعة الأولى، وهم الذين أسسوا الجامعة اليهودية. فهؤلاء تكلموا باحترام أكبر عن المؤتمر على الرغم من إنهم انتقدوا بريطانيا بشدة أيضاً، شأنهم شأن الصهاينة الآخرين، لسماحها للمؤتمر أن يناقش السياسة البريطانية في فلسطين .11 أما اليهود التقليديون القدماء في القدس، الذين عملوا بشكل منفصل نوعاً ما عن الصهاينة، فقد رحبوا بالمؤتمر في البداية وتمنوا له كل النجاح. وقد بينوا إن اليهود لا يريدون الأماكن المقدسة ولم يكن لهم أي حق فيها، ولكنهم ناشدوا المؤتمر ألا يعارض طقوس العبادة اليهودية في الصلاة عند حائط المبكى . 17 وكان ما فعله المؤتمر العكس بالضبط ! فقد رفض تقرير لجنة حائط المبكى التابعة لعصبة الأمم الذي أكد حيازة المسلمين لحائط المبكى وأيد حق اليهود في الصلاة عنده . 12 إن المؤتمر بفعله هذا قد أبعد عنه دعم اليهود التقليديين وأضعف قوتهم أي اليهود في صراعهم ضد الصهاينة .19 وقد احتج المؤتمر لدى عصبة الأمم ضد انتهاك الحقوق مذكّ راً إياها بالمساعدة التي قدمها العرب للحلفاء في الحرب العالمية الأولى. وقد حذر المؤتمر من إن الانتداب لا يعني استعباد العرب واغتصاب حقوقهم. ولم يرفض مبدأ هجرة اليهود إلى فلسطين و لا شراء الأراضي والممتلكات. وبهذا فان المؤتمر قد اعترف ضمناً بحق اليهود في الدخول إلى فلسطين والعيش فيها وفي حق التملك هناك. وعلى الرغم من ذلك ،وفي سياق الخطة اليهودية في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، فقد استجاب المؤتمر باقتراح إنشاء مصرف زراعي وظيفته تحويل الدعم المالي للفلاحين والمزارعين المالكين للأرض من أجل تقوية المقاومة ضد الجهود الصهيونية الرامية إلى شراء أراضيهم. إن رد المؤتمر على التهديد الصهيوني قد يوصف بكونه معتدلاً، الأمر الذي تناقض بشدة مع الرد القومي العربي. فالمؤتمر قاوم بكل تأكيد ضغط القوميين العرب الرامي إلى تبني موقف مسلح أكثر. وقد التقى القوميون العرب في أثناء المؤتمر بصورة منفصلة وقاموا بصياغة ميثاق عربي ، وهو الرد الذي توقعته القومية اليهودية .11 فقد كانت إحداها، بالتأكيد، نداً للأخرى. 16 ومع هذا فان المؤتمر لم يفلح في إدراك إن الرد الإسلامي الديني كان ينبغي أن يتضمن إستراتيجية فعالة لبناء جبهة دينية مشتركة مع هؤلاء اليهود الذين عارضوا الصهيونية والذين كانوا ودودين تجاه المسلمين .19 وعلى الرغم من إن القرآن قد حرم تأسيس مثل هذه العلاقات مع اليهود وغيرهم من غير المسلمين بشكل يجعل المسلمين في وضع التبعية والخضوع، إلا إنه لم يحرم إنشاء تحالف أو جبهة مشتركة لا تبعية فيها .19 وما كان مخيباً للآمال على وجه الخصوص هو فشل المؤتمر، المقام على تلك الأرض المقدسة، في القيام بتقييم واقعي للواقع الكئيب الذي كان يواجه العالم الإسلامي آنذاك، وفي صياغة إستراتيجية محكمة وذكية وطويلة الأمد بصورة شجاعة وخلاقة لإرجاع القوة للأمة. وفي خضم كل النقاشات السياسية المثيرة والساخنة للمؤتمر، كان هنالك صوت واحد يمثل صوت الدولة والحكمة. فقد كانت لدى الدكتور محمد إقبال رؤية جعلته يطلق تحذيراً مفاده إن أسوأ الأخطار التي تواجه الإسلام لم تكن التخطيطات الصهيونية الشنيعة ولا جشع القوى الامبريالية ولكنها كانت المادية الإلحادية والوطنية القطرية. وما لم تقا و م هذه الأخطار فان الإسلام سيبدأ في الاضمحلال. ومع إن إقبال كان فعلاً يمتلك القدرة على رؤية الأخطار الفلسفية الجسيمة، كالمادية، التي تقبع أمام الحضارة الإسلامية، فيبدو إنه لمّ ا يكن قادراً على إعادة صياغة مفهوم النظام الإسلامي العام دار الإسلام والمفهوم الإسلامي للنظام العالمي من الناحية النظرية، ومن ثم التكلم عنها بطريقة تبين وبشكل مقنع تفوقها على منافستها العلمانية التي كانت تتحداها الآن. بل إن حقيقة الأمر هي إن إقبال لم يكن يعلم ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها في عام 6996 لاستعادة قوة الأمة! نشاطات ما بعد المؤتمر لقد انتخب المؤتمر لجنة تنفيذية 11 عملت بدأب لمدة سنة واحدة. وشُ كّ لت فروع للمنظمة في بلدان مختلفة والتقى ممثلو هذه الفروع في القدس في شهر آب من عام 6999 لمناقشة الطرق والوسائل لجمع الأموال. وفي عام 1919 قام أمين الحسيني والتباح باشا بجولة في العراق والهند من اجل جمع الأموال . ولم يفلحوا في ذلك، وبالتالي لم تؤسس الجامعة ولا المصرف الزراعي لمساعدة المزارعين. أما الاجتماع الثاني للمؤتمر والذي كان من المقرر، حسب النظام الداخلي، أن يجري في تشرين الثاني من عام 1919 فانه لم ينعقد. وباستثناء النشاط الفجائي للجنة التنفيذية في تسوية النزاع في عام 1916 11 والنهضة قصيرة العمر في الخمسينات، فان المؤتمر الإسلامي العام في القدس مات أيضاً ميتة طبيعية. وقد استمرت السكرتارية التي أسسها المؤتمر في العمل في القدس حتى الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من ذلك فهي لم تستطع الصمود في ظروف الحرب الوخيمة وفي ظل المواجهة المباشرة بين الحاج أمين والبريطانيين. وفرّ الحاج أمين إلى مصر إبان الحرب. إن المؤتمر الإسلامي العام في القدس عام 1916 قد فشل لذات الأسباب التي أفشلت مؤتمر الخلافة ومؤتمر العالم الإسلامي في عام 1916. فلم يكن المؤتمر قادراً على التنظير لسبيل الخروج من المستنقع الذي وقع فيه العالم الإسلامي. وكان عاجزاً فكرياً عن التصدي للتحدي الذي شكلته العلمنة السياسية للحضارة الغربية المتعجرفة والواثقة، والتي كانت ت دسُ في العالم الإسلامي، الذي كان يعاني من الركود الفكري، نظاماً للدول القومية العلمانية ليحل محل دار الإسلام. إن موت الخلافة شهد نهاية نظام مؤسسة سياسية مألوفة للأمة، كانت تقر بسيادة الإسلام في الحياة العامة. وكان ظهور الدولة القومية السعودية الدينية في قلب الإسلام يعني إن الإسلام كان في طريقة الآن نحو العلمنة. وسوف ينحسر الآن ليكون شأن اً للحياة الخاصة. وستحاول جماعة التبليغ غير السياسية والسلفيون السعوديون الموالون للنظام ملأ الفراغ. وستكون ترجمة عبدالله يوسف علي الصحيحة من الناحية السياسية للقرآن شائعة بين أفراد جيل المسلمين الذين لا يخامرهم الشك والذين هم بطبيعة الحال خاملون سياسياً. 17 الخاتمة إن تدمير خلافة الإسلام كان نتيجة مؤامرة شيطانية دبرها اليهود الصهاينة والبريطانيين. وقد مثل السعوديون دور المساعد في تلك الجريمة ضد الأمة. لقد مثلت الخلافة نظاماً لمؤسسة سياسية ألا وهي دار الإسلام تعترف بسيادة الإسلام في الحياة العامة وفي العلاقات العالمية للعالم الإسلامي. إن ظهور الدول القومية العلمانية التركية والعربية السعودية في مقر الخلافة وفي قلب الإسلام قد مهد الطريق لعلمنة نظام المؤسسة السياسية للعالم الإسلامي. وبما إن حكومات الدول القومية العلمانية ضمن العالم الإسلامي هي التي ستمثل هذا العالم، فان النتيجة ستكون إن الإسلام لن يكون مهيمناً على الحياة العامة أو على العلاقات العالمية للعالم الإسلامي. والطريقة الأخرى الأكثر جفافاً لقول نفس الشيء هي إن الله لن يكون الأكبر في الحياة العامة في العالم الإسلامي ! وليس هنالك مسلم يقرأ هذه السطور من دون أن يشعر بالغضب الشديد تجاه الذين خانوا الله ورسوله ! وإن نوعية إيمان المسلم يمكن أن تقاس من خلال الطريقة التي يستجيب من خلالها لهذا الوضع البائس. إن العالم الإسلامي هو اليوم من دون قوة. واستنتاجنا هو إن مؤسسة الخلافة، التي تكوّ ن جزءً من دار الإسلام، هي أمر لا غنى عنه لاسترجاع القوة. ومن دون القوة سيكون هنالك الكثير من مآسي البوسنة وكشمير والجزائر والشيشان وفلسطين .. الخ. إن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تغيير هذه الظروف المؤلمة هي استرجاع سيادة الإسلام في الحياة العامة للمسلمين وفي العلاقات العالمية للعالم الإسلامي. وهذا الأمر يتطلب استعادة دار الإسلام والخلافة. لذلك فنحن بحاجة إلى أن نبين من جديد شروط النظام الإسلامي العام دار الإسلام والمفهوم الإسلامي للنظام العالمي، والى أن نبرهن على تفوقها الواضح على منافستها العلمانية التي جاءت من الحضارة الغربية. ونحن أيضاً بحاجة إلى أن ندرك، كما يوضح هذا الكتاب، استحالة استعادة الخلافة، في الحاضر والمستقبل، مادام الحجاز تحت سيطرة التحالف السعودي الديني .ولا يمكن استعادة القوة من دون تحرير الحرمين والحج من سيطرة أولئك الذين ساهموا بتدمير الخلافة. إن تحرير الحرمين والحج سيصبح ممكناً حين يتمزق التحالف السعودي الديني. وهنالك مؤشرات عن كون التحالف تحت ضغط شديد ويمكن أن ينهار. فثمة الكثير من العلماء السعوديين في السجن الآن أو في الإقامة الجبرية. والقضية التي ستودي بهذا التحالف في غالب الظن ستكون اعتراف السعودية بدولة إسرائيل اليهودية، وهنا تبرز أهمية مؤلفنا الأخير بعنوان دين إبراهيم ودولة إسرائيل الذي حللنا فيه، ومن وجهة نظر دينية إسلامية بحتة، معنى الاعتراف بدولة إسرائيل اليهودية بالنسبة للمسلمين. النهاية الملاحظات 6 إيلي كيدوري، في الفصل المعنون سقوط المدينة كانون الثاني 1919 الإسلام في العالم المعاصر، هولت رينهارت ووينستون، ن ي .1921 الصفحات 91 977 يعطي تفسيراً واضحاً وتحليلاً رائعاً للدفاع البطولي للقائد العثماني فخري باشا حتى شهر كانون الثاني من عام 1919 حينما تعرض للخيانة من بعض قطعاته. 9 أهل الذمة هم أناس محميون غير مسلمين يسمح لهم بالإقامة في دار الإسلام. والجزية هي ضريبة مالية يفرضها القرآن على الناس الذين هزموا في الجهاد، والذين يرغبون في الاستمرار بالإقامة في أراضيهم السابقة. وإن الغرض من دفع هذه الضريبة المالية هو بيان خضوعهم لحكم الإسلام في تلك الأرض. 9 يا أيها الذين آمنوا بالقرآن لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء أي لا تدخلوا في علاقة تحالف وتبعية مع اليهود والنصارى تعتمدون فيها عليهم من أجل أمانكم القرآن 1611 1 توينبي أد ، استعراض الشؤون العالمية ، 1916. 1 س ف. بي، رستم مستقبل الدين الإسلامي ، القرن التاسع عشر وما بعده، الجزء 619، رقم 121 حزيران 1916، الصفحات 11 211، حيث يناقش المفكر التركي الليبرالي المسألة بمقالة عقلانية. 1 لمناقشة مثيرة عن الموضوع انظر توينبي، ا د. استعراض الشؤون العالمية ، 1916، الجزء 6 الصفحات 16 12، وخصوصاً الصفحة 11. وانظر أيضا الفصل الختامي لسيلفيا هايم في ارنولد، ت. الخلافة. طبعة منقحة، مطبعة جامعة اوكسفورد ،6911 الصفحات 11 911. 7 النص التركي الرسمي في قوانين مجمواسي 1916/6911، رقم 196، أنقرة. مطبعة الجمعية العمومية التركية. الترجمة الانكليزية في استعراض، اوبسيت، الملحق 66 9 صفحة 171. 2 حسب الفقه السني فان تعيين إمام أو خليفة هو أمر لا غنى عنه .. ويقول الاجتهاد التركي إننا إذا ما رجعنا إلى روح الإسلام فان الخلافة أو الإمامة يمكن أن تعهد إلى مجموعة أشخاص أو جمعية منتخبة أي الجمعية العمومية التركية أو البرلمان . وأنا شخصياً أعتقد إن الرؤية التركية صائبة جداً. إقبال، م. تجديد الفكر الديني في الإسلام. مطبعة جامعة اوكسفورد. لندن. 1916 الفصل .1 أساس الحركة في بناء الإسلامي صفحة 619. 9 هذه الجماعة كان من المفترض أن تنشئ هيئة انتخابية افتراضية في النموذج الإسلامي التقليدي. وعلى الرغم من ذلك فعبر التاريخ الإسلامي ظلت على الدوام تقريباً أساساً نظري اً لم يكن له أي دور في عملية اتخاذ القرار المهم. 61 إن هذا الإعلان هو غاية في الأهمية في سياق الجهود المبذولة في الوقت الراهن لإعادة تأسيس نظام إسلامي أصلي. وهو يصور العيوب الفاضحة في فهم نظام القيادة الإسلامي لدى ذلك المركز الأعلى للتعليم الإسلامي .الاستعراض الكامل للنص، وب.سيت.، الملحق 666، الصفحات 2 171. 66 لقد كان المقترح غير مألوف تماماً إلى حد إن كبير القضاة في إمارة شرق الأردن رفضه لكونه بدعة مناقضة لتقاليد الدين الأصلية. الاستعراض، وب. سيت.، صفحة 21. 69 حينما ألغت الجمعية العمومية الوطنية في أنكورا أنقرة الخلافة العثمانية وحينما أخرج الدينيون السلالة الهاشمية الحاكمة خارج الحجاز، كان الاتجاه العام في العالم الإسلامي أن يتم التعامل مع الوضع باستخدام الطريقة الغربية الحديثة بعقد مؤتمر عالمي وليس باستخدام الطريقة الإسلامية في الدعوة إلى حرب مقدسة. الاستعراض، وب، سيت.، صفحة 91. 69 تدعي سيلفيا هايم أنه لم تكن هنالك أدلة كافية لإثبات أن المؤتمر قد خُطط له وشجُع عليه من خلال تحريض الملك فؤاد الذي كان يرغب سراً في الحصول على منصب الخليفة. إلا إن ذلك لم يكن ممكناً بسبب المعارضة داخل وخارج مصر. س ف أرنولد، وب. سيت. الصفحات 9 916. وفيما قد يكون ذلك صحيحاً فان الموقف العام لفؤاد كان عدم الرغبة في الخلافة. فقد حافظ رئيس وزرائه سعد زغلول على حيادية مدروسة حيال هذا الموضوع. 61 إن النص الحرفي لسجل المؤتمر قد ترجم إلى الفرنسية ونشره أ. سيكالي في ريفو دو موند مسلمان، الجزء 6 الصفحة 61، باريس 1916. وهذا النص هو الذي استخدمه الكاتب. 61 بالإضافة إلى الإشارة إلى إن الخلافة كانت ضرورية من أجل تطبيق الأحكام والحدود والمرابطة وتجهيز الجيوش .. الخ فان اللجنة وجدت إن نقل حديثين للنبي كان مهماً بصورة كافية من مات ولم يعرف خليفة زمانه مات ميتة جاهلية و من مات وليس في عنق بيعة مات ميتة جاهلية استعراض ، وب. سيت، الصفحات 1 71. 61 المصدر السابق. الصفحات 1 71. وقد تجاهلت اللجنة بفعلها هذا آراء المعتزلة الذين اعتبروا الخلافة أمراً ضرورياً، والخوارج الذين تبنوا الرأي الذي يقول بعدم الحاجة إلى الخلافة. واختارت اللجنة أيضاً تجاهل الرأي الذي وضحه الشيخ علي عبد الرزاق، خريج الأزهر، الذي ناقش في بحث له نشر في مصر إن الخلافة لم تكن ضرورة في الإسلام. وقد أثارت آراؤه نوعاً من الهياج في مصر. 67 الاستعراض وب. سيت، الصفحات 7 71. 62 وقد أصبح شيخ الأزهر في عام 6999 69 الاستعراض وب. سيت، الصفحات 2 77. 91 القرآن 1211 96 وقد تمت الإشارة إلى مثل هذه السلطات كما يذكر الماوردي الأحكام السلطانية والغزالي إحياء علوم الدين . ولمزيد من التفصيل عن آراء العلماء انظر آرنولد، ت. وب . سيت. 99 لقد عين الخليفة الخامس، معاوية، ابنه، يزيد، كخليفة له وقد خلفه بالفعل. وقد تحدى الحسين، حفيد النبي، صحة خلافة يزيد ودفع حياته ثمناً لذلك. والكثير من المسلمين لا يهتمون بمتابعة مثال الحسين في القرون اللاحقة. 99 الاستعراض وب. سيت ،صفحة 619 91 نفس المصدر صفحة 612. ويمكن ايجاد النص الكامل لتقرير اللجنة الثالثة في استعراض، وب. سيت. الملحق 1، الصفحات 26 172 91 نفس المصدر.. صفحة 611 91 استعراض، وب، سيت، صفحة 611 97 استعراض، وب، سيت، صفحة 611 92 نفس المصدر .. صفحة 617 99 يمكن العثور على الفقرة في استعراض، وب. سيت.، صفحة 612، وريع هذا ، .. وفي الاستعراض، وب،سيت.، صفحة 121، ويتابعه من الأعلى .. 91 يوجد نص القرار في استعراض، وب،سيت، صفحة 662. واستعراض، وب،سيت الصفحات 29 91 96 س.ف. فاروقي، كمال خطوات نحو الوحدة الإسلامية . آفاق باكستان. الجزء 91، رقم9، الصفحات 9 69 حيث يفسر هذا البديل للخلافة، أو للعصر الإسلامي، الذي هو العالمية الإسلامية التي تعتمد على الوحدة في عقائد المسلمين العامة وأعمالهم. ويتجاهل فاروقي، مع ذلك، الحقيقة الواضحة جداً في إن الخلافة قد وُجدت واكتسبت شرعيتها من عقائد وأعمال المسلمين. 99 فاروقي، وب،سيت، الصفحات 9 69 99 المسلمون السنة يقرون بأن المدارس الفقهية الأربعة متساوية في شرعيتها. 91 حتى قيام الثورة الإسلامية الإيرانية، كان السعوديون الدينيون قد نجحوا في كسب هذا الاعتراف من جميع حكومات الدول القومية الإسلامية. وعلى الرغم من ذلك فما يزال ثمة استياء لا يستهان به بين جموع المسلمين. 91 استعراض، وب، سيت، صفحة 692 91 نفس المصدر السابق 97 لقد كان من التناقضات العجيبة أن تقوم حركة الخلافة الهندية بمقاطعة مؤتمر الخلافة في القاهرة في أيار وتحضر مؤتمر العالم الإسلامي في مكة في حزيران والذي استبعد من جدول أعماله على وجه الخصوص مسألة الخلافة 92 إن هذه المقالات ستكون مادة للقراءة الممتعة إذا ما نشرت اليوم. 99 إشارة إلى علاقات حسين مع البريطانيين 11 استعراض، وب، سيت، الصفحات 692 696 16 استعراض، وب، سيت، الصفحات 96 692 19 استعراض، وب، سيت.. 19 على سبيل المثال، فقد أقر المؤتمر مشروع بناء خطين للسكة الحديد من جدة إلى مكة ومن ينبع إلى المدينة على الرغم من المعارضة الشديدة لموفدي الحجاز الذين كان لديهم اعتراضات دينية ضد إنشاء السكك الحديد في بلاد اعتمدت حياتها على البعير .استعراض ،وب، سيت، صفحة 699. كم تمنى المرء لو إن العلماء السعوديون بنوا اعتراضاتهم على السكة الحديد في سياق كونها ستحل محل نمط من أنماط النقل قد خلقه الله. ولكانت السلطات السعودية حينئذ مدركة للخطر الذي تشكله التقنية الحديثة ولاستطاعت أن تشترط إبقاء نمط النقل الطبيعي إلى جانب النقل الميكانيكي. 11 نص القرار موجود في استعراض، وب، سيت. الصفحات 2 917. وامتنعت مصر وتركيا وأفغانستان عن التصويت . 11 يقول توينبي ... إن أحد آثار الحرب في عام 6961 62 كان إبعاد الأتراك عن الجزيرة العربية وامتداد دائرة النفوذ البريطاني ليشمل كامل الجزيرة العربية استعراض، وب . سيت.. الصفحات 979 ولكن من المهم جداً أن نلاحظ أن في هذا الانجاز البريطاني الفريد والخطير والذي كان نتيجة لعصيان أمر النبي للمرة الأولى خلال ثلاثة عشر قرناً، تلقت بريطانيا المساعدة والدعم من حسين وابن سعود كليهما. وبالطبع أراد كل منهما ثمناً لخدماته التي قدمها لبريطانيا. ففي الواقع قاتلت قوات حسين العربية مع البريطانيين ضد الأتراك. أما حيادية ابن سعود الطيبة في هذا الصراع فقد زادت من فرص نجاح بريطانيا. وحتى حلول عام 1916 حين توقفت دفعاته الشهرية من البريطانيين، كان حسين قد تسلم مبلغاً قدره حوالي ستة ملايين جنيهاً إسترلينياً. أما ابن سعود، الذي تسلم مبلغاً أكثر تواضعاً من الحكومة البريطانية وقدره 911,111 جنيهاً بمعدل 1111 جنيه شهرياً، فقد فسر الأمر بصورة شيطانية على إنه جزية الضريبة التي يدفعها غير المسلمين المقيمين على أرض دار الإسلام . استعراض، وب. سيت .. صفحة 979. وكانت بريطانيا قوة الانتداب في إمارة شرق الأردن هي التي ألحقت معن والعقبة بإمارة شرق الأردن في عام 1916. وعلى الرغم من احتجاج الملك حسين السابق على هذا الإلحاق من منفاه في قبرص وقيام ابن سعود بتحريك مؤتمر العالم الإسلامي لتبني قرار احتجاج على ذلك الإلحاق، فقد كان التصرف البريطاني بوضوح أمراً مقضياً. ومن المثير أن نلاحظ إن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لو لم يخالفه حسين وابن سعود في مساعدتهم الضالة للبريطانيين في محاولة لتخليص شبه الجزيرة من النفوذ العثماني، لما كان من الممكن تنفيذ إعلان بلفور ولا تأسيس الدولة الصهيونية في فلسطين المسلمة. ومن المثير أن نلاحظ أيضاً أن العقبة لو بقيت تحت السيطرة الحجازية، لكانت العربية السعودية دولة الخط الأمامي في الصراع المعاصر في الشرق الأوسط. ولعل التاريخ يكشف في يوم من الأيام أن أحد أسباب الإلحاق البريطاني لمعن والعقبة كان خلق فاصل بين أرض قلب الإسلام المتقلبة وبين الوطن القومي اليهودي في فلسطين الذي صوره إعلان بلفور. وينبغي أن يكون من الجلي إن حدوث مواجهة مباشرة بين الحجاز الآن جزء من العربية السعودية وبين الوطن القومي اليهودي في فلسطين الآن دولة إسرائيل سيثير مشاعر إسلامية لا يمكن السيطرة عليها، الأمر الذي لا يزال يشكل التهديد الحقيقي الوحيد لبقاء الدولة الصهيونية. 11 من الخطأ التأكيد كما يفعل المؤتمر الإسلامي العالمي في كراتشي الآن على إن المؤتمر الإسلامي المنعقد في القدس في عام 1916 كان الجلسة الثانية لمؤتمر العالم الإسلامي الأولى انعقدت في مكة عام 1916 . أولاً لان مؤتمر القدس اختار لنفسه اسماً مختلفاً عن مؤتمر العالم الإسلامي . والمادة الأولى لنظام المؤتمر الداخلي سمته بـ المؤتمر الإسلامي العام . ثانياً، لقد تبنى المؤتمر نظاماً داخلياً خاصاً به مختلفاً عن نظام المؤتمر الإسلامي العام. 17 مات محمد علي جوهر فعلاً في لندن حيث كان يشارك في مؤتمر الطاولة المستديرة بخصوص الهند. وقد تحرك الفلسطينيون من أجل أن يدفن في الحرم الشريف كاعتراف بعظمته من جهة، ومن جهة أخرى لكسب دعم هندي أكبر في الصراع ضد الصهيونية وقوة الانتداب البريطانية. 12 ثمة رابط مهم بين السابع والعشرين من رجب وبين المسجد الأقصى وبين حائط المبكى، وهو رابط يثير المشاعر بقوة كبيرة في العالم الإسلامي. وتفسير ذلك كما يلي إن السورة السابعة عشر من القرآن، بعنوان سورة بني إسرائيل، تستهل بآية تشير إلى الرحلة الليلية الإعجازية للنبي محمد من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس الذي بارك الله المناطق المتاخمة له، حسب الآية، حينما أخذه الله في رحلة كي يريه بعضاً من آياته . وتفيد الأحاديث إن النبي حينما وصل إلى الأقصى صلى إماماً بجميع الأنبياء. وبعد ذلك عرج به إلى السماء وتشرف بمراسيم الدخول إلى تجل خاص لله. ويمثل حائط المبكى أو الحائط الغربي جزءً من الحرم الشريف الذي يضم المسجد الأقصى إضافة إلى البقعة التي بدأت منها رحلة معراج النبي. ويعتقد عموماً إن هذه الرحلة حدثت في 97 رجب. مشكاة المصابيح ، الترجمة الانكليزية لجيمس روبسون، لاهور، شيخ محمد أشرف ،6971، الجزء 9، الفصل 99، الكتاب 91 الصفحات .6911 71 19. كيب، هـ . أ . ر، المؤتمر الإسلامي في القدس في كانون الأول عام 1916. استعراض الشؤون العالمية، لندن، مطبعة جامعة أوكسفورد ، 1916. صفحة 619. 11. نيلسن، أ. المؤتمر الإسلامي في القدس. العالم الإسلامي ،تشرين الأول 1919، الجزء 99 صفحة 912. 16. كان الملك فؤاد على وجه الخصوص قلقاً جداً حيال الإشاعات التي تقول بأن مسألة الخلافة ستناقش وحيال تصريح الخليفة أن على المفتي العام زيارة القاهرة شخصياً ليؤكد شفوياً وتحريرياً على إن المسألة لن تناقش. أما بالنسبة للملا شوكت علي، من الناحية الأخرى، فلم تكن هنالك مسألة خلافة طالما أنه باق على اعترافه بخلافة عبد المجيد . آرنولد، ت . وب . سيت.. الصفحات 1 916 . 19. في النظام الإسلامي يبدأ اليوم بالغروب وينتهي بالغروب التالي. لذا فإن 97 رجب أو ليلة المعراج لم تبدأ حتى غروب شمس 1 كانون الأول. 19. كيب، هـ . أ . ر، وب. سيت.. صفحة 611. لقد تم إحياء مؤتمر القدس في عام 1916 وعقدت ثلاثة مؤتمرات في الأعوام 1916 و 1921 . ولم تنعقد مجدداً أبداً منذ 1921. وسبب ذلك يرجع بصورة جزئية إلى إن رئيس مؤتمر القدس، الحاج أمين الحسيني، أصبح رئيساً لمؤتمر العالم الإسلامي الذي تم إحياؤه أيضاً. وقد فضل أن يعمل مع المنظمة الأخيرة طالما إنها تمتعت بالدعم السياسي من حكومة باكستان وبالدعم المالي من الحكومة السعودية. 11. كيب، وب. سيت.، صفحة 619. 11. نيلسن، وب. سيت.، صفحة 919 11. نفس المصدر السابق 17. نيلسن، وب. سيت.، صفحة 919 12. النص الكامل للتقرير الملحق بحائط المبكى أو الحائط الغربي الفلسطيني، النظام في المؤتمر 6996 كما في جدول 6 و 9. انظر الأنظمة والتعليمات القانونية لعام 6996. هـ م مكتب الوثائق، لندن .6999. الصفحات 1 119. 19. لقد تم شرح هذا التصرف بصورة أكثر قسوة خلال الفترة مابين 1912 1917 حينما كانت القدس الشرقية تحت النفوذ الأردني .حيث منع اليهود من الصلاة عند حائط المبكى. 11. إن الأراضي العربية هي كل لا يتجزأ، وإن أي تقسيم من أي نوع تعرضت له هذه الأراضي فان الأمة العربية لا تقره ولا تعترف به.. كيب، وب. سيت. صفحة 617 ف ن. 16. س ف. مارمورستاين، إيمل المعارضة الدينية للقومية في الشرق الأوسط. الشؤون العالمية، تموز 1919، الصفحات 911 917. 19. ومن بين اليهود المحافظين كان العالم البروفيسور يعقوب دي حان. وتم قتله على أيدي الصهاينة بسبب استنكاره اللاذع للصهيونية. وفي لقاء معه في منتصف العشرينات شرح وجهة نظره كما يلي هل تعتقد إن التاريخ ليس إلا سلسلة من الأحداث؟ لا أعتقد.... فالصهاينة يعانون من نفس العمى الروحي الذي تسبب بانهيارنا. فإن ألفي سنة من النفي اليهودي والحزن لم تعلمهم شيئاً. وبدلاً من محاولة فهم الأسباب العميقة لتعاستنا، فإنهم يحاولون اللف حولها، ببناء وطن قومي على أسس جاءت بها سياسات القوى الغربية. وأثناء عملية بناء ذلك الوطن القومي فإنهم يرتكبون جريمة إخراج شعب آخر من وطنه. أسد، محمد، الطريق إلى مكة. الصفحات 9 29. 19 يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء أي لا تلجئوا إليهم لغرض التحالف الأمني ولا تقيموا علاقات اعتماد وخضوع معهم . القرآن 1611 11 الشرق الأدنى والهند .91 كانون الأول ،1916. صفحة 127 11 كان شوكت علي حزيناً حيال تشكيل اللجنة ورفض أن يعمل فيها. وقد استخدم الحاج أمين أغلبيته لاستبعاد الخصوم الذين كان من بينهم رجال أكفاء. 11 نجحت اللجنة التنفيذية في التوسط في حرب دامت سبعة أسابيع بين العربية السعودية واليمن. وتم أخيراً توقيع معاهدة لإنهاء الحرب. 17 كان عبد الله يوسف علي أديباً عبقرياً. وكان تفسيره للقرآن عملاً أدبياً مدهشاً. إلا إنه كان ساذجاً نوعاً ما في فهمه للتوجيهات السياسية والاقتصادية في القرآن. وقاده ولاؤه الكامل والثابت للحكومة البريطانية إلى تركيبة عقلية جعلته عاجزاً عن إدراك الحقيقة الأساسية في إن الله أرسل الدين الإسلامي الكامل ليكون المهيمن على الحياة الخاصة والعامة كلتيهما. وقد فشل أيضاً في إدراك إن الفائدة المصرفية هي ربا. انظر كتاب م . أ . شريف عن السيرة الذاتية لعبد الله يوسف علي بعنوان البحث عن السلوان . نتاجات الكتاب الإسلامي. كوالا لامبور . 1916. نتاجات الكتاب الإسلامي ،9 لورانج 6أ / 76 ج، جالان كاري ،11111 بيتالينك جايا ،ماليزيا

عن المؤلف عمران ن. حسين ولد في جزيرة ترينداد، جزر الهند الغربية. درس الإسلام تحت إشراف العالم الإسلامي الصوفي الشيخ الملا الدكتور محمد فضل الرحمن الأنصاري في معهد العليمية للدراسات الإسلامية، كراتشي، وأمضى سنة دراسية واحدة في جامعة الأزهر، القاهرة. درس الفلسفة في جامعة كراتشي ودرس العلاقات العالمية في جامعة جزر الهند الغربية ومعهد الدراسات العالمية، جنيف. موظف سابق في وزارة الخارجية في ترينداد وتوباغو، واستقال من عمله في عام 6921 ليكرس حياته لخدمة الإسلام فعمل مديراً لمعهد العليمية للدراسات الإسلامية حتى عام 1922 حينما سافر لإلقاء محاضراته الإسلامية في جنوب شرق آسيا وأمريكا الشمالية والجنوبية وجزر الكاريبي. ومنذ عام 1916 وهو يعمل في خدمة الإسلام في نيويورك في مسجد دار القرآن في لونغ آيلاند. وكمؤلف في الأديان المقارنة فقد أنتج كتاباً عن الإسلام والبوذية نشر في باكستان عام 1929. وتضمنت أعماله عن الإسلام والعلاقات الخارجية الدبلوماسية في الإسلام تحليل لمعاهدة الحديبية و الحرب والسلم في الإسلام و الإسلام والنظام العالمي الجديد و نبي الإسلام في القدس الأهمية الإستراتيجية للإسراء والمعراج ..الخ. ونشرت مجموعة من كتاباته التي تضمنت مواضيع مثل الأحلام في الإسلام و من مكة إلى المدينة مرة أخرى و القوات الغربية في الجزيرة العربية رؤية إسلامية .. الخ في سنغافورة عام 1916 بعنوان الإسلام والنظام العالمي المتغير والسلسلة الحالية لكتاباته في مجموعة الأنصاري التذكارية تحتوى على العناوين الثلاثة التالية دين إبراهيم ودولة إسرائيل نظرة من القرآن و انظرة تاريخية على نظام الخلافة في الاسلام أهمية تحريم الربا في الإسلام

من هم داعش دولة الخلافة الاسلامية في العراق و الشام نظرة تاريخية للخلافة الاسلامية و نشأت الدولة السعودية